في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذۡ أَوۡحَيۡتُ إِلَى ٱلۡحَوَارِيِّـۧنَ أَنۡ ءَامِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّنَا مُسۡلِمُونَ} (111)

كذلك يذكره بنعمة الله عليه في إلهام الحواريين أن يؤمنوا بالله وبرسوله ؛ فإذا هم ملبون مستسلمون ، يشهدونه على إيمانهم وإسلامهم أنفسهم كاملة لله : ( وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي . قالوا : آمنا واشهد بأننا مسلمون ) . .

إنها النعم التي آتاها الله عيسى بن مريم ، لتكون له شهادة وبينة . فإذا كثرة من أتباعه تتخذ منها مادة للزيغ ؛ وتصوغ منها وحولها الأضاليل - فها هو ذا عيسى يواجه بها على مشهد من الملأ الأعلى ، ومن الناس جميعا ، ومنهم قومه الغالون فيه . . ها هو ذا يواجه بها ليسمع قومه ويروا ؛ وليكون الخزي أوجع وأفضح على مشهد من العالمين !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذۡ أَوۡحَيۡتُ إِلَى ٱلۡحَوَارِيِّـۧنَ أَنۡ ءَامِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّنَا مُسۡلِمُونَ} (111)

وقوله : { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي } وهذا أيضًا من الامتنان عليه ، عليه السلام ، بأن جعل له أصحابًا وأنصارًا . ثم قيل : المراد بهذا الوحي وحي إلهام ، كما قال : { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ } الآية [ القصص : 7 ] ، وهذا{[10525]} وحي إلهام بلا خوف ، وكما قال تعالى : { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ . ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا } الآية [ النحل : 68 ، 69 ] . وهكذا قال بعض السلف في هذه الآية : { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا } [ أي : بالله وبرسول الله ]{[10526]} { وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ } أي : ألهموا ذلك فامتثلوا ما ألهموا .

قال الحسن البصري : ألهمهم الله . عز وجل ذلك ، وقال السُّدِّي : قذف في قلوبهم ذلك .

ويحتمل أن يكون المراد : وإذ أوحيت إليهم بواسطتك ، فدعوتهم إلى الإيمان بالله وبرسوله ، واستجابوا لك وانقادوا{[10527]} وتابعوك ، فقالوا : { آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ }


[10525]:في د: "وهو".
[10526]:زيادة من د.
[10527]:في د: "فانقادوا".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذۡ أَوۡحَيۡتُ إِلَى ٱلۡحَوَارِيِّـۧنَ أَنۡ ءَامِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّنَا مُسۡلِمُونَ} (111)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنّا وَاشْهَدْ بِأَنّنَا مُسْلِمُونَ } . .

يقول تعالى ذكره : واذكر أيضا يا عيسى إذ ألقيت إلى الحواريين ، وهم وزراء عيسى على دينه . وقد بينا معنى ذلك ولم قيل لهم الحواريون فيما مضى بما أغنى عن إعادته .

وقد اختلف ألفاظ أهل التأويل في تأويل قوله : وَإذْ أوْحَيْتُ وإن كانت متفقة المعاني ، فقال بعضهم بما :

حدثني به محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : " وَإذْ أوْحَيْتُ إلى الحَوَارِيّينَ " يقول قذفت في قلوبهم .

وقال آخرون : معنى ذلك : ألهمتهم .

فتأويل الكلام إذن : وإذ ألقيت إلى الحواريين أن صدّقوا بي وبرسولي عيسى ، فقالوا : آمّنا : أي صدّقنا بما أمرتنا أن نؤمن يا ربنا . واشْهَدْ علينا بأنّنا مُسْلِمُونَ يقول : واشهد علينا بأننا خاضعون لك بالذلة سامعون ، مطيعون لأمرك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذۡ أَوۡحَيۡتُ إِلَى ٱلۡحَوَارِيِّـۧنَ أَنۡ ءَامِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّنَا مُسۡلِمُونَ} (111)

قوله تعالى : { وإذ أوحيت } هو من جملة تعديد النعمة على عيسى و { أوحيت } في هذا الموضع إما أن يكون وحي إلهام أو وحي أمر كما قال الشاعر :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** أوحى لها القرار فاستقرت{[4794]}

وبالجملة فهو إلقاء معنى في خفاء أوصله تعالى إلى نفوسهم كيف شاء ، والرسول في هذه الآية عيسى عليه السلام ، وقول الحواريين { واشهد } يحتمل أن يكون مخاطبة منهم لله تعالى ويحتمل أن يكون لعيسى عليه السلام ، وقد تقدم تفسير لفظة الحواريين في آل عمران .


[4794]:- هكذا في الأصول (أوحى)، والبيت للعجاج، وتمامه كما رواه القرطبي: بإذنه الأرض وما تعنت وحى لها القرار فاستقرت ورواه في اللسان: وحى لها القرار فاستقرت وشدّها بالراسيات الثبت ورواه الألوسي هكذا: الحمد لله الذي استقلت بإذنه السماء واطمأنت أوحى لها القرار فاستقرت