تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذۡ أَوۡحَيۡتُ إِلَى ٱلۡحَوَارِيِّـۧنَ أَنۡ ءَامِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّنَا مُسۡلِمُونَ} (111)

وقوله تعالى : ( وإذ أوحيت إلى الحواريين )

والحواريون قيل : هم خواصه ، وكذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم حواريوه . وقد ذكرنا في سورة آل عمران[ في تفسير الآية[ 52 ] ] ، الاختلاف فيه .

ثم قوله تعالى : ( أوحيت إلى الحواريين ) يحتمل الوحي إليهم وجهين :

أحدهما : أنه أوحى إلى رسول الله عيسى عليه السلام فنسب ذلك إليهم ، وأضيف لأن[ من م ، في الأصل : أن ] الوحي إلى عيسى كالوحي إليهم كقوله تعالى : ( وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم )[ العنكبوت : 46 ] ، وما أنزل على كذا ما أنزل إلى رسول الله كالمنزل إلينا . فعلى ذلك الوحي إلى عيسى هو كالوحي إليهم .

والثاني : [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] أوحى إليهم وحي إلهام كقوله تعالى : ( وأوحى ربك إلى النحل ) الآية[ النحل : 68 ] ، وقوله تعالى : ( وأوحينا إلى أم موسى )[ القصص : 7 ] ونحوه أنه وحي إلهام وقذف لا وحي إرسال . والقذف في القلب غير تكلف ولا كسب ، وهو الإخطار بالقلب على السرعة ( أن آمنوا بي وبرسولي ) والخطر يكون من الله تعالى ، ويكون من الشيطان . لكن ما يكون من الله تعالى يكون خيرا ؛ يتبين ذلك في آخره .

وقوله تعالى : ( قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون ) يحتمل وجهين ؛ يحتمل قالوا لعيسى : واشهد أنت عند ربك ( بأننا مسلمون ) ويحتمل أن سألوا ربهم أن يكتبهم مع الشاهدين كقوله تعالى : ( آمنا فاكتبنا مع الشاهدين )[ الآية : 83 ] .