فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذۡ أَوۡحَيۡتُ إِلَى ٱلۡحَوَارِيِّـۧنَ أَنۡ ءَامِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّنَا مُسۡلِمُونَ} (111)

قوله : { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحواريين أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي } هو معطوف على ما قبله . وقد تقدّم تفسير ذلك . والوحي في كلام العرب معناه الإلهام : أي ألهمت الحواريين وقذفت في قلوبهم . وقيل معناه : أمرتهم على ألسنة الرسل أن يؤمنوا بي بالتوحيد والإخلاص ويؤمنوا برسالة رسولي . قوله : { قَالُواْ آمَنَّا } جملة مستأنفة كأنه قيل ماذا قالوا ؟ فقال : قالوا آمنا { واشهد بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ } أي مخلصون للإيمان أي واشهد يا رب ، أو واشهد يا عيسى .

وقد أخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : { يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ } فيفزعون فيقولون :{ لاَ عِلْمَ لَنَا } فتردّ إليهم أفئدتهم فيعلمون . وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن السديّ في الآية قال : ذلك أنهم نزلوا منزلاً ذهلت فيه العقول ، فلما سئلوا قالوا : لا علم لنا ، ثم نزلوا منزلاً آخر فشهدوا على قومهم . وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس قال : قالوا لا علم لنا فرقاً يذهل عقولهم ، ثم يردّ الله إليهم عقولهم ، فيكونون هم الذين يسألون بقول الله :

{ فَلَنَسْألَنَّ الذين أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْألَنَّ المرسلين } .

/خ111