في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (3)

هذه هي الجولة الأولى بلمساتها المتعددة . ثم تليها جولة ثانية بلمسة واحدة تعالج مشاعر القرابة ووشائجها المتأصلة ؛ والتي تشتجر في القلوب فتجرها جرا إلى المودة ؛ وتنسيها تكاليف التميز بالعقيدة :

( لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم . يوم القيامة يفصل بينكم . والله بما تعملون بصير ) . .

إن المؤمن يعمل ويرجو الآخرة . يزرع هنا وينتظر الحصاد هناك . فلمسة قلبه بما يكون في الآخرة من تقطيع وشائج القربى كلها إذا تقطعت وشيجة العقيدة ، من شأنها أن تهون عنده شأن هذه الوشائج في فترة الحياة الدنيا القصيرة ؛ وتوجهه إلى طلب الوشيجة الدائمة التي لا تنقطع في دنيا ولا في آخرة :

ومن ثم يقول لهم : ( لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم ) . . التي تهفون إليها وتتعلق قلوبكم بها ؛ وتضطركم إلى موادة أعداء الله وأعدائكم وقاية لها - كما حدث لحاطب في حرصه على أولاده وأمواله - وكما تجيش خواطر آخرين غيره حول أرحامهم وأولادهم الذين خلفوهم في دار الهجرة . لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم . ذلك أنه ( يوم القيامة يفصل بينكم ) . . لأن العروة التي تربطكم مقطوعة . وهي العروة التي لا رباط بغيرها عند الله .

( والله بما تعملون بصير ) . . مطلع على العمل الظاهر والنية وراءه في الضمير

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (3)

{ لن تنفعكم أرحامكم } قراباتكم ، { ولا أولادكم } الذين توالون المشركين من أجلهم ، وتتقربون إليهم محاماة عنهم بشيء من النفع . { يوم القيامة } الذي يفر المرء فيه من أخيه وأمه وأبيه . ثم قال تعالى : { يفصل بينكم } أي يفرق بينكم وبين أرحامكم وأولادكم بما يكون فيه من الهول الموجب لفرار كل منكم من الآخر . ويجوز أن يتعلق { يوم القيامة } بالفعل بعده .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (3)

أرحامكم : قراباتكم .

ثم بين أن ما جعله بعضُ الصحابة من مودّتهم ( للمحافظة على الأهل والولد ) لا ينبغي أن يقدَّم على المصلحة العامة ، وأمور الدين فقال : { لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ القيامة } ، لا ينفعكم شيء يوم القيامة ، لا قراباتكم ولا أولادكم ، لا ينفع المرءَ في ذلك اليومِ إلا العملُ الصالح والإخلاص في دينه وإيمانه ، واللهُ تعالى يفصِل بينكم يوم القيامة ، فيذهب أهلُ النار إلى النار ، وأهل الجنة إلى الجنة ، { والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } .

قراءات :

قرأ عاصم : يفصل بفتح الياء وسكون الفاء وكسر الصاد . وقرأ حمزة والكسائي : يفصِّل بضم الياء وفتح الفاء وكسر الصاد المشددة . وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو : يفصل بضم الياء وسكون الفاء وفتح الصاج مبنيا للمجهول . وقرأ ابن عامر : يفصل بضم الياء وفتح الفاء والصاد المشددة . فهذه أربع قراءات والمعنى واحد لأن الفعل فَصَل يَفصِل ، وفَصَّل يُفصِّل بمعنى واحد .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (3)

فإن احتججتم وقلتم : نوالي الكفار لأجل القرابة والأموال ، فلن تغني عنكم أموالكم ولا أولادكم من الله شيئا . { والله بما تعملون بصير } فلذلك حذركم من موالاة الكافرين الذين تضركم موالاتهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (3)

قوله تعالى : { لن تنفعكم أرحامكم } معناه : لا يدعونكم ولا يحملنكم ذوو أرحامكم وقراباتكم وأولادكم الذين بمكة إلى خيانة الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وترك مناصحتهم وموالاة أعدائهم فلن تنفعكم أرحامكم ، { ولا أولادكم } الذين عصيتم الله لأجلهم ، { يوم القيامة يفصل بينكم } فيدخل أهل طاعته الجنة وأهل معصيته النار .

قرأ عاصم ويعقوب يفصل بفتح الياء وكسر الصاد مخففاً ، وقرأ حمزة والكسائي بضم الياء وكسر الصاد مشدداً ، وقرأ ابن عامر بضم الياء وفتح الصاد مشدداً ، وقرأ الآخرون بضم الياء وفتح الصاد مخففاً . { والله بما تعملون بصير } .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (3)

ولما كانت عداوتهم معروفة وإنما غطاها محبة القرابات لأن الحب للشيء يعمي ويصم ، فخطأ رأيهم في موالاتهم بما أعلمهم به من حالاتهم{[64461]} ، زهد فيها مما يرجع إلى حال من والوهم لأجلهم بما تورثه من الشقاء الدائم يوم البعث ، فقال مستأنفاً إعلاماً بأنها خطأ على كل حال : { لن تنفعكم } أي بوجه من الوجوه{[64462]} { أرحامكم } أي قراباتكم الحاملة لكم على رحمتهم والعطف ، { ولا أولادكم } الذين هم أخص أرحامكم إن واليتم أعداء الله لأجلهم فينبغي أن لا تعدوا قربهم منكم بوجه أصلاً ، ثم علل ذلك وبينه بقوله : { يوم القيامة } أي القيام الأعظم .

ولما كان النافي للنفع وقوع الفصل لا كونه{[64463]} من فاصل معين قال بانياً للمفعول على قراءة أبي عمرو ونافع وابن كثير وأبي جعفر وابن عامر{[64464]} من أكثر طرقه إلا أن شدد الصاد للمبالغة في الفصل : { يفصل } أي يوقع الفصل وهو الفرقة العظيمة بانقطاع جميع الأسباب { بينكم } أي أيها الناس فيدخل{[64465]} من شاء من أهل طاعته الجنة ، ومن شاء من أهل معصيته النار ، فلا ينفع أحد أحداً منكم بشيء من الأشياء إلا إن كان قد{[64466]} أتى الله بقلب سليم فيأذن الله في إكرامه بذلك .

ولما كان التقدير إعلاماً بأن الله هو الفاصل وهو الضار النافع بما دلت عليه{[64467]} قراءة الباقين إلا أن حمزة والكسائي بضم الياء وفتح الفاء وكسر الصاد مشددة إشارة إلى عظمة هذا الفصل بخروجه عن المألوف عوداً إلى الاسم الأعظم إشارة إلى عظم الأمر بانتشار الخلائق وأعمالهم : فاللّه على ذلك قدير ، عطف عليه{[64468]} قوله : { والله } أي الذي له الإحاطة{[64469]} التامة { بما تعملون } أي من كل عمل في كل وقت { بصير * } فيجازيكم عليه في الدنيا والآخرة ، وقد مضى غير مرة أن تقديم الجار في مثل هذا للتنبه على مزيد الاعتناء بعلم ذلك لا على الاختصاص ولا لأجل الفواصل .


[64461]:- في ظ وم: حالهم.
[64462]:- زيد من ظ وم.
[64463]:- من ظ وم، وفي الأصل: لكونه.
[64464]:- راجع نثر المرجان 7/ 301.
[64465]:- من ظ وم، وفي الأصل: فيه.
[64466]:- زيد من ظ وم.
[64467]:- زيد من ظ وم.
[64468]:- من ظ وم، وفي الأصل: على ذلك.
[64469]:- زيد في الأصل: الكامل، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.