فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (3)

{ لَن تَنفَعَكُمْ أرحامكم وَلاَ أولادكم } أي لا تنفعكم القرابات على عمومها ولا الأولاد ، وخصهم بالذكر مع دخولهم في الأرحام لمزيد المحبة لهم والحنوّ عليهم ، والمعنى : أن هؤلاء لا ينفعونكم حتى توالوا الكفار لأجلهم كما وقع في قصة حاطب بن أبي بلتعة ، بل الذي ينفعكم هو ما أمركم الله به من معاداة الكفار وترك موالاتهم ، وجملة : { يَوْمَ القيامة يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ } مستأنفة لبيان عدم نفع الأرحام والأولاد في ذلك اليوم ومعنى { يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ } : يفرّق بينكم ، فيدخل أهل طاعته الجنة ، وأهل معصيته النار . وقيل : المراد بالفصل بينهم أنه يفرّ كلّ منهم من الآخر من شدّة الهول كما في قوله : { يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ } الآية [ عبس : 34 ] الآية . قيل : ويجوز أن يتعلق يوم القيامة بما قبله : أي لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة فيوقف عليه . ويبتدئ بقوله : { يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ } والأولى أن يتعلق بما بعده كما ذكرنا { والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } لا يخفى عليه شيء من أقوالكم وأفعالكم ، فهو مجازيكم على ذلك . قرأ الجمهور : { يفصل } بضم الياء ، وتخفيف الفاء ، وفتح الصاد مبنياً للمفعول ، واختار هذه القراءة أبو عبيد . وقرأ عاصم بفتح الياء وكسر الصاد مبنياً للفاعل . وقرأ حمزة والكسائي بضم الياء وفتح الفاء وكسر الصاد مشدّدة . وقرأ علقمة بالنون . وقرأ قتادة وأبو حيوة بضم الياء وكسر الصاد مخففة .

/خ3