{ لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم } أي لا ينفعكم القرابات على عمومها ولا الأولاد ، وخصهم بالذكر مع دخولهم في الأرحام لمزيد المحبة لهم والحنو عليهم ، والمعنى أن هؤلاء لا ينفعونكم شيئا يوم القيامة حتى توالوا الكفار لأجلهم كما وقع في قصة حاطب بن أبي بلتعة ، بل الذي ينفعكم ما أمركم الله به من معاداة الكفار ، وترك موالاتهم ، وجملة : { يوم القيامة يفصل بينكم } مستأنفة لبيان عدم نفع الأرحام والأولاد في ذلك اليوم ، والمعنى يفرق بينكم فيدخل أهل طاعته الجنة وأهل معصيته النار ، وقيل : المراد بالفصل بينهم أنه يفر كل واحد منهم من الآخر من شدة الهول كما في قوله : { يوم يفر المرء من أخيه } الآية .
ويجوز أن يتعلق يوم القيامة ، أي لن ينفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة ، ويبتدأ بقوله : يفصل بينكم ، والأولى أن يتعلق يوم القيامة بما بعده ، كما ذكرنا قرأ الجمهور يفصل بالتخفيف وبضم الياء وفتح الصاد مبينا للمفعول واختار هذه القراءة أبو عبيد ، وقرئ بفتح الياء وكسر الصاد مبنيا للفاعل . وقرئ بضم الياء وفتح الفاء وكسر الصاد مشددة من التفصيل ، وقرئ بضم الياء وكسر الصاد مخففة ، وقرئ بالنون وكلها سبعية .
{ والله بما تعلمون بصير } لا يخفى عليه شيء من أقوالكم وأفعالكم ، فهو مجازيكم على ذلك ، وقد أخرج البخاري وعليه وسلم : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها فأتوني به ، فخرجنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة ، قلنا : أخرجي الكتاب ، قالت : ما معي من كتاب ، فقلنا ، لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب فأخرجته من عقاصها ، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فإذا فيه : من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين بمكة ، يخبرهم ببعض أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما هذا يا حاطب ؟ قال لا تعجل عليّ يا رسول الله إني كنت امرأ ملصقا في قريش ، ولم أكن من أنفسها ، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة ، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم ، أن أصطنع إليهم يدا يحمون بها قرابتي ، وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صدق ، فقال عمر : دعني أضرب عنقه ، فقال : إنه شهد بدرا وما يدريك ؟ لعل الله أطلع على أهل بدر فقال : " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " ، ونزلت هذه الآية ( {[1575]} ) .
وفي الباب أحاديث مسندة ومرسلة ، متضمنة لبيان هذه القصة ، وأن هذه الآيات إلى قوله ، { قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم } ، نازلة في ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.