الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (3)

قوله :{ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } : يجوز فيه وجهان ، أحدهما : أَنْ يتعلَّقَ بما قبلَه أي : لن ينفعَكم يومَ القيامة فَيُوقَفُ عليه ويُبْتدأ { يَفْصِلُ بينكم } . والثاني : أَنْ يتعلَّقُ بما بعده أي : يَفْصِلُ بينكم يومَ القيامة ، فيوقف على { أولادكم } ويُبتدأ { يوم القيامة } .

والقُرَّاء في { يَفْصِلُ } بينكم على أربعِ مراتبَ ، الأولى : لابن عامر بضم الياءِ وفتح الفاءِ والصادُ مثقَّلةٌ . الثانية : كذلك إلاَّ أنَّه بكسرِ الصاد للأخوَيْن . الثالثة : بفتح الياء وسكونِ الفاءِ وكسرِ الصاد مخففةً لعاصم . الرابعة : بضمِّ الياء وسكونِ الفاءِ وفتح الصادِ مخففةً للباقين ، وهم نافعٌ وابنُ كثير وأبو عمروٍ هذا في السَبعة . وقرأ ابنُ أبي عبلةٍ وأبو حيوةَ بضم الياء وسكون الفاء وكسرِ الصادِ مخففةً ، مِنْ أَفْصَلَ . وأبو حيوة أيضاً " نُفْصِلُ " بضمِّ النونِ مِنْ أَفْصَلَ . والنخعيُّ وطلحة " نُفَصِّلُ " بضم النون وفتح الفاء وكسر الصاد مشددةً . وقرأ أيضاً وزيد بن علي " نَفْصِلُ " بفتح النون وسكون الفاء وكسرِ الصاد مخففةً . فهذه أربعٌ فصارت ثمانِ قراءاتٍ .

فمَنْ بناه للمفعولِ فالقائمُ مقام الفاعلِ : إمَّا ضميرُ المصدرِ أي : يُفْصَل الفصلُ أو الظرف ، وبُني على الفتح لإِضافته إلى غير متمكن كقوله :

{ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ }[ الأنعام : 94 ] في أحدِ الأوجه ، أو الظرفُ وهو باقٍ على نصبِه كقولك : " جُلس عندَك " .