الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (3)

قوله { تَنفَعَكُمْ } ، وقيل : العامل فيه { يُفَصِلُ } وهو مِمَّا بعده لا مِمَّا قبله ، وعبارةُ الثعلبيِّ { لَن تَنفَعَكُمْ أرحامكم } أي : قرابتكم منهم { وَلاَ أولادكم } : الذين عندهم بمكة { يَوْمَ القيامة } : إذا عصيتم اللَّه من أجلهم { يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ } : فيدخل المؤمنون الجنة ، والكافرون النارَ ، انتهى .

( ت ) : وهذه الآية تنظر إلى قوله تعالى : { وَمَا أموالكم وَلاَ أولادكم بالتي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زلفى }[ سبأ : 37 ] الآية : واعلم أنَّ المال والسبب النافع يوم القيامة ، ما كان لِلَّهِ وقُصِدَ به العونُ على طاعة اللَّه ، وإلاَّ فهو على صاحبه وَبَالٌ وطولُ حساب ، قال ابن المبارك في «رقائقه » : أخبرنا شعبة ، عن عمرو بن مرة قال : سمعت عبد اللَّه بن الحارث يُحَدِّثُ عن أبي كثير ، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاصي أَنَّه سمعه يقول : ويجمعون يعني ليوم القيامة فيقال : أين فقراء هذه الأمة ومساكينُها ؟ فيبرزون ، فَيُقَالُ : ما عندكم ؟ فيقولون : يا رَبَّنَا ، ابْتُلِينَا فَصَبِرْنَا ، وأنت أعلم ، أحسبه ، قال : ووليت الأموال والسلطانَ غَيْرَنا ، فيقال : صدقتم ، فيدخلون الجنة قبل سائر الناس بزمان ، وتبقى شِدَّةُ الحساب على ذَوِي السلطان والأموال ، قال : قلت : فأين المؤمنون يومئذ ؟ قال : توضع لهم كراسيُّ من نور ، ويُظَلِّلُ عليهم الغمامُ ، ويكون ذلك اليومُ أقصرَ عليهم من ساعة من نهار ، انتهى . وفي قوله تعالى :{ والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } : وعيدٌ وتحذير .