السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (3)

فقال تعالى مستأنفاً إعلاماً بأنها خطأ على كل حال : { لن تنفعكم } بوجه من الوجوه { أرحامكم } أي : قراباتكم الحاملة لكم على رحمتكم والعطف عليهم { ولا أولادكم } أي : الذين هم أخص أرحامكم إن واليتم أعداء الله تعالى لأجلهم ، فينبغي أن لا تعدّوا قربهم منكم بوجه أصلاً ، ثم علل ذلك وبينه بقوله تعالى : { يوم القيامة } أي : القيام الأعظم { يفصل } أي : يوقع الفصل ، وهو الفرقة العظيمة بانقطاع جميع الأسباب . وقرأ عاصم بفتح الياء وإسكان الفاء وكسر الصاد مخففة ، وقرأ ابن عامر بضم الياء وفتح الفاء وفتح الصاد مشددة ، وحمزة والكسائي كذلك إلا أنهما يكسران الصاد ، والباقون بضم الياء وسكون الفاء { بينكم } أي : أيها الناس فيدخل من يشاء من أهل طاعته الجنة ، ومن يشاء من أهل معصيته النار فلا ينفع أحد أحداً منكم بشيء من الأشياء ، إلا إن كان قد أتى الله تعالى بقلب سليم فيأذّن الله تعالى في إكرامه بذلك { والله } أي : الذي له الإحاطة التامّة { بما تعملون } أي : من كل عمل في كل وقت { بصير } فيجازيكم عليه في الدنيا والآخرة .