في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ فِيٓ أُمِّ ٱلۡكِتَٰبِ لَدَيۡنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (4)

ثم يبين منزلة هذا القرآن عنده وقيمته في تقديره الأزلي الباقي :

( وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) . .

ولا ندخل في البحث عن المدلول الحرفي لأم الكتاب ما هي : أهي اللوح المحفوظ ، أم هي علم الله الأزلي . فهذا كهذا ليس له مدلول حرفي محدد في إدراكنا . ولكننا ندرك منه مفهوماً يساعد على تصورنا لحقيقة كلية . وحين نقرأ هذه الآية : ( وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) . . فإننا نستشعر القيمة الأصيلة الثابتة لهذا القرآن في علم الله وتقديره . وهذا حسبنا . فهذا القرآن( عليّ ) . . ( حكيم ) . . وهما صفتان تخلعان عليه ظل الحياة العاقلة . وإنه لكذلك ! وكأنما فيه روح . روح ذات سمات وخصائص ، تتجاوب مع الأرواح التي تلامسها . وهو في علوه وفي حكمته يشرف على البشرية ويهديها ويقودها وفق طبيعته وخصائصه . وينشئ في مداركها وفي حياتها تلك القيم والتصورات والحقائق التي تنطبق عليها هاتان الصفتان : علي . حكيم .

وتقرير هذه الحقيقة كفيل بأن يشعر القوم الذين جعل القرآن بلسانهم بقيمة الهبة الضخمة التي وهبها الله إياهم ، وقيمة النعمة التي أنعم الله عليهم ؛ ويكشف لهم عن مدى الإسراف القبيح في إعراضهم عنها واستخفافهم بها ، ومدى استحقاقهم هم للإهمال والإعراض ؛

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ فِيٓ أُمِّ ٱلۡكِتَٰبِ لَدَيۡنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (4)

{ وإنه } أي القرآن{ في أم الكتاب } وهو اللوح المحفوظ ؛ إذ هو أصل الكتب السماوية ، وكلها منقولة منه ؛ قال تعالى : " وعنده أم الكتاب " {[312]} . " إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون " {[313]} . " بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ " {[314]} . أو هو العلم الأرلي{ لدينا } أي عندنا{ لعلي } رفيع القدر{ حكيم } محكم النظم في أعلى طبقات البلاغة ؛ فلا يضيره تكذيب المكذبين ، ولا طعن الطاعنين .


[312]:آية 39 سورة الرعد.
[313]:آيتا 77، 78 سورة الواقعة.
[314]:آيتا 21، 22 سورة البروج.
 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ فِيٓ أُمِّ ٱلۡكِتَٰبِ لَدَيۡنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (4)

أُم الكتاب : اللوح المحفوظ .

وإنه محفوظٌ في علمه تعالى ،

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ فِيٓ أُمِّ ٱلۡكِتَٰبِ لَدَيۡنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (4)

{ وَإِنَّهُ } أي : هذا الكتاب { لَدَيْنَا } في الملأ الأعلى في أعلى الرتب وأفضلها { لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ } أي : لعلي في قدره وشرفه ومحله ، حكيم فيما يشتمل عليه من الأوامر والنواهي والأخبار ، فليس فيه حكم مخالف للحكمة والعدل والميزان .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ فِيٓ أُمِّ ٱلۡكِتَٰبِ لَدَيۡنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (4)

ولما كانوا ينكرون تعظيمه عناداً وإن كانوا يقرون بذلك في بعض الأوقات ، قال مؤكداً لذلك وتنبيهاً على أنه أهل لأن يقسم به ، ويزاد في تعظيمه لأنه لا كلام يشبهه ، بل ولا يدانيه بوجه : { وإنه } أي القرآن ، وقدم الظرفين على الخبر المقترن باللام اهتماماً بهما ليفيد بادئ بدء أن علوه وحكمته ثابتة في الأم وأن الأم في غاية الغرابة عنده { في أم الكتاب } أي كائناً في أصل كل كتاب سماوي ، وهو اللوح المحفوظ ، وزاد في شرفه بالتعبير بلدى التي هي لخاص الخاص وأغرب المستغرب ونون العظمة فقال مرتباً للظرف على الجار ليفيد أن أم الكتاب من أغرب الغريب الذي عنده { لدينا } على ما هو عليه هناك { لعليّ } .

ولما كان العلي قد يتفق علوه ولا تصحبه في علوه حكمة ، فلا يثبت له علوه ، فيتهور بنيانه وينقص سفوله ودنوه ، قال : { حكيم } أي بليغ في كل من هاتين الصفتين راسخ فيهما رسوخاً لا يدانيه فيه كتاب فلا يعارض في عليّ لفظه ، ولا يبارى في حكيم معناه ، ويعلو ولا يعلى عليه بنسخ ولا غيره ، بل هناك مكتوب بأحرف وعبارات فائقة رائقة تعلو عن فهم أعقل العقلاء ، ولا يمكن بوجه أن يبلغها أنبل النبلاء ، إلا بتفهيم العلي الكبير ، الذي هو على كل شيء قدير .

وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : لما أخر سبحانه بامتحان خلف بني إسرائيل في شكهم في كتابهم بقوله :{ وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب }[ الشورى : 14 ] ووصى نبيه صلى الله عليه وسلم بالتبرئ من سيئ حالهم والتنزه عن سوء محالهم فقال

{ ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب }الآية [ الشورى : 15 ] وتكرر الثناء على الكتاب العربي كقوله{ وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً }[ الشورى : 7 ] وقوله{ الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان }[ الشورى : 17 ] وقوله { وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا } - إلى آخر السورة ، أعقب ذلك بالقسم به وعضد الثناء عليه فقال { حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم }