في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ يَسۡتَغۡفِرۡ لَكُمۡ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوۡاْ رُءُوسَهُمۡ وَرَأَيۡتَهُمۡ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ} (5)

5

ثم نعيش في ظلال النصوص القرآنية التي تضمنت تلك الأحداث :

( وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ، ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون ) . .

فهم يفعلون الفعلة ، ويطلقون القولة . فإذا عرفوا أنها بلغت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] جبنوا وتخاذلوا وراحوا يقسمون بالأيمان يتخذونها جنة . فإذا قال لهم قائل : تعالوا يستغفر لكم رسول الله ، وهم في أمن من مواجهته ، لووا رؤوسهم ترفعا واستكبارا ! وهذه وتلك سمتان متلازمتان في النفس المنافقة . وإن كان هذا التصرف يجيء عادة ممن لهم مركز في قومهم ومقام . ولكنهم هم في ذوات أنفسهم أضعف من المواجهة ؛ فهم يستكبرون ويصدون ويلوون رؤوسهم ما داموا في أمان من المواجهة . حتى إذا ووجهوا كان الجبن والتخاذل والأيمان !

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ يَسۡتَغۡفِرۡ لَكُمۡ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوۡاْ رُءُوسَهُمۡ وَرَأَيۡتَهُمۡ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ} (5)

{ وإذا قيل لهم تعالوا } نزلت في عبد الله بن أبيّ حين افتضح أمره ، وطلب منه أن يذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر له ؛ فأعرض واستكبر . وجميع الضمائر في الآية من باب : بنوا تميم قتلوا فلانا ، والقاتل بعضهم . أو لأن أتباعه مثله في ذلك .

{ لووا رءوسهم } عطفوها وثنوها وهو كناية عن التكبر والإعراض ؛ ونظيره قوله تعالى : " ثاني عطفه " {[356]} . أو حركوها وأمالوها استهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وباستغفاره ؛ إذ يستوى عندهم استغفاره وعدمه . وقد أخبر الله تعالى أنه لن يغفر لهم ؛ لأنهماكهم في الكفر والفسق والقبائح . يقال : لوى رأسه وبرأسه ، أماله ؛ ونظيره : " فسينغضون إليك رءوسهم " {[357]} أي يحركونها استهزاء .


[356]:آية 9 الحج.
[357]:آية 51 الإسراء.
 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ يَسۡتَغۡفِرۡ لَكُمۡ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوۡاْ رُءُوسَهُمۡ وَرَأَيۡتَهُمۡ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ} (5)

لوَّوا رؤوسهم : أمالوها استهزاء .

يصدّون : يعرِضون .

ولما افتضح أمرهم ونزل القرآن بصفتهم ، جاءهم أقرباؤهم ، وقالوا لهم : افتضحتم بالنفاق ، فتوبوا إلى الله واذهبوا إلى الرسول واطلبوا أن يستغفر لكم ، فأمالوا رؤوسهم استهزاءً واستكبارا ، ولم يقبلوا ذلك .

قراءات :

قرأ نافع : لووا رؤوسهم بفتح الواو الأولى بلا تشديد ، والباقون : لووا رؤوسهم بتشديد الواو الأولى المفتوحة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ يَسۡتَغۡفِرۡ لَكُمۡ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوۡاْ رُءُوسَهُمۡ وَرَأَيۡتَهُمۡ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ} (5)

{ وَإِذَا قِيلَ } لهؤلاء المنافقين { تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ } عما صدر منكم ، لتحسن أحوالكم ، وتقبل أعمالكم ، امتنعوا من ذلك أشد الامتناع ، و { لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ } امتناعًا من طلب الدعاء من الرسول ، { وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ } عن الحق بغضًا له { وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ } عن اتباعه بغيًا وعنادًا ، فهذه حالهم عندما يدعون إلى طلب الدعاء من الرسول ، وهذا من لطف الله وكرامته لرسوله ، حيث لم يأتوا إليه ، فيستغفر لهم .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ يَسۡتَغۡفِرۡ لَكُمۡ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوۡاْ رُءُوسَهُمۡ وَرَأَيۡتَهُمۡ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ} (5)

قوله تعالى : " وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله " لما نزل القرآن بصفتهم مشى إليهم عشائرهم وقالوا : افتضحتم بالنفاق فتوبوا إلى رسول الله من النفاق ، واطلبوا أن يستغفر لكم . فلووا رؤوسهم ، أي حركوها استهزاء وإباء ، قاله ابن عباس . وعنه أنه كان لعبدالله بن أبي موقف في كل سبب يحض على طاعة الله وطاعة رسوله ، فقيل له : وما ينفعك ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم غضبان : فأته يستغفر لك ، فأبى وقال : لا أذهب إليه . وسبب نزول هذه الآيات أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا بني المصطلق على ماء يقال ل " المريسيع " من ناحية " قديد " إلى الساحل ، فازدحم أجير لعمر يقال له : " جهجاه " مع حليف لعبدالله بن أبي يقال له : " سنان " على ماء " بالمشلل " ، فصرخ جهجاه بالمهاجرين ، وصرخ سنان بالأنصار ، فلطم جهجاه سنانا فقال عبدالله بن أبي : أوقد فعلوها ! والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال الأول : سمن كلبك يأكلك ، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز - يعني أبيا – الأذل ، يعني محمدا صلى الله عليه وسلم . ثم قال لقومه : كفوا طعامكم عن هذا الرجل ، ولا تنفقوا على من عنده حتى ينفضوا ويتركوه . فقال زيد بن أرقم - وهو من رهط عبدالله - أنت والله الذليل المنتقص في قومك ، ومحمد صلى الله عليه وسلم في عز من الرحمن ومودة من المسلمين ، والله لا أحبك بعد كلامك هذا أبدا . فقال عبدالله : اسكت إنما كنت ألعب . فأخبر زيد النبي صلى الله عليه وسلم بقول : فأقسم بالله ما فعل ولا قال ، فعذره النبي صلى الله عليه وسلم . قال زيد : فوجدت في نفسي ولاَمَنِي الناس ، فنزلت سورة النافقين في تصديق زيد وتكذيب عبدالله . فقيل لعبدالله : قد نزلت فيك آيات شديدة فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لك ، فألوى برأسه ، فنزلت الآيات . خرجه البخاري ومسلم والترمذي بمعناه . وقد تقدم أول السورة . وقيل : " يستغفر لكم " يستتبكم من النفاق ؛ لأن التوبة استغفار .

قوله تعالى : " ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون " أي يعرضون عن الرسول متكبرين عن الإيمان . وقرأ نافع " لووا " بالتخفيف . وشدد الباقون ؛ واختاره أبو عبيد وقال : هو فعل لجماعة . النحاس : وغلط في هذا ؛ لأنه نزل في عبدالله بن أبي لما قيل له : تعال يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم حرك رأسه استهزاء . فإن قيل : كيف أخبر عنه بفعل الجماعة ؟ قيل له : العرب تفعل هذا إذا كنت عن الإنسان . أنشد سيبويه لحسان :

ظننتم بأن يخفَى الذي قد صنعتم *** وفينا رسولٌ عنده الوحيُ واضعُهْ

وإنما خاطب حسان ابن الأبيرق في شيء سرقه بمكة . وقصته مشهورة . وقد يجوز أن يخبر عنه وعمن فعل فعله . وقيل : قال ابن أبي لما لوى رأسه : أمرتموني أن أومن فقد آمنت ، وأن أعطي زكاة مالي فقد أعطيت ، فما بقي إلا أن أسجد لمحمد .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ يَسۡتَغۡفِرۡ لَكُمۡ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوۡاْ رُءُوسَهُمۡ وَرَأَيۡتَهُمۡ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ} (5)

{ وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون }

{ وإذا قيل لهم تعالوا } معتذرين { يستغفر لكم رسول الله لوّوا } بالتشديد والتخفيف عطفوا { رؤوسهم ورأيتهم يصدون } يعرضون عن ذلك { وهم مستكبرون } .