الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ يَسۡتَغۡفِرۡ لَكُمۡ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوۡاْ رُءُوسَهُمۡ وَرَأَيۡتَهُمۡ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ} (5)

قوله : { يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ } : هذه المسألةُ عَدَّها النحاةُ من الإِعمالِ ، وذلك أنَّ " تعالَوا " يطلبُ " رسولُ الله " مجروراً ب إلى ، أي : تعالَوا إلى رسولِ الله ، و " يَسْتغفر " يَطْلبه فاعلاً ، فأعمل الثاني ، ولذلك رفعَه ، وحَذَف من الأول ؛ إذ التقدير : تعالَوْا إليه ، ولو أَعْمل الأولَ لقيل : إلى رسولِ الله/ يَسْتغفر ، فيُضمر في " يَسْتغفر " فاعلٌ ويمكن أَنْ يقال : ليَستْ هذه من الإِعمال في شيء لأنَّ قولَه : " تعالَوْا " أمرٌ بالإِقبال من حيث هو ، لا بالنَّظر إلى مُقْبَلٍ عليه .

قوله : { لَوَّوْا } هذا جوابُ " إذا " . وقرأ نافع " لَوَوْا " مخففاً ، والباقون مشدَّداً على التكثير و " يَصُدُّون " حال لأنَّ الرؤيةَ بَصَريَّةٌ ، وكذا قولُه " وهم مُستكبرون " حالٌ أيضاً : إمَّا من صاحب الحالِ الأولى ، وإمَّا مِنْ فاعل " يَصُدُّون " فتكونُ متداخلةً . وأتى ب " يَصُدُّون " مضارعاً دلالةً على التجدُّدِ والاستمرار . وقرِىء " يَصِدُّون " بالكسر وقد تقدَّمنا في الزخرف .