( اتخذوا أيمانهم جنة ) . . وهي توحي بأنهم كانوا يحلفون الأيمان كلما انكشف أمرهم ، أو عرف عنهم كيد أو تدبير ، أو نقلت عنهم مقالة سوء في المسلمين . كانوا يحلفون ليتقوا ما يترتب على افتضاح أمر من أمورهم ، فيجعلون أيمانهم وقاية وجنة يحتمون وراءها ، ليواصلوا كيدهم ودسهم وإغواءهم للمخدوعين فيهم . ( فصدوا عن سبيل الله ) . . صدوا أنفسهم وصدوا غيرهم مستعينين بتلك الأيمان الكاذبة : ( إنهم ساء ما كانوا يعملون ) . . وهل أسوأ من الكذب للخداع والتضليل ! ?
ولما كان المعنى أنهم لم يعتقدوا ما شهدوا به ، وكان كأنه قيل : فما الحامل لهم على هذا الكلام المؤكد والكذب في غاية القباحة لا سيما عند العرب ، علله بقوله مسمياً شهادتهم إيماناً لأن الشهادة تجري مجرى القسم في إرادة التوكيد ، ولذلك يتلقى بما يتلقى به القسم : { اتخذوا } أي أخذو بجهدهم { أيمانهم } أي كلها من شهادتهم هذه المجتهد في توكيدها وكل يمين سواها { جنة } أي وقاية تقيهم المكاره الدنيوية و{[65456]}يستترون بها منها فيصونون{[65457]} بها دماءهم وأموالهم ، فاستضاؤوا بنور الإجابة فلم{[65458]} ينبسط عليهم شعاع نور السعادة فانطفأ نورهم بقهر الحرمان ، وبقوا في ظلمات القسمة السابقة بحكم الخذلان { فصدوا } أي فسبب لهم اتخاذهم هذا أن أعرضوا بأنفسهم مع{[65459]} سوء البواطن{[65460]} وحرارة الصدور ، وحملوا غيرهم على الإعراض لما يرى من سيئ أحوالهم بتلك الظواهر مع بقائهم على{[65461]} ما كانوا ألفوه من الكفر الذي يزينه الشيطان { عن سبيل الله } أي عن طريق الملك الأعظم الذي شرعه لعباده ليصلوا به إلى محل رضوانه ، ووصلوا إلى ذلك بخداعهم ومكرهم بجرأتهم على الأيمان الحانثة التي يمشون حالهم بها لما شرعه الله في هذه الحنيفية السمحة من القناعة من الحالف بيمينه فيما لا يعلم إلا من قبله .
ولما كان ما أخبر به من حالهم في غاية القباحة ، أنتج قوله : { إنهم } وأكده لأن حالهم بعجبهم ويعجب كثيراً ممن قاربهم { ساء ما كانوا } أي جبلة وطبعاً { يعملون * } أي يجددون عمله مستمرين عليه بما هو كالجبلة من جرأتهم على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وخلص عباده بالأيمان الحانثة .
قوله : { اتخذوا أيمانهم جنة } الأيمان ، جمع يمين وهي الحلف . والجنة ، بضم الجيم يعني سترة أو وقاية . أي حلفوا الأيمان على أنهم منكم وأن محمدا رسول الله على سبيل الله الوقاية التي تقيهم منكم ويستترون بها من القتل أو الأسر .
قوله : { فصدوا عن سبيل الله } صدوا ، من الصد . أي صرفوا الناس عن الدخول في الإسلام بتثبيطهم وبما يشيعونه في نفوسهم من الشكوك والأراجيف . أو من الصدود وهو الإعراض . أي أعرضو عن دين الله وسلكوا سبيل الشيطان في الإفساد والفتنة { إنهم ساء ما كانوا يعملون } أي بئست أعمالهم من النفاق والكذب والصد عن دين الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.