في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لِلۡفُقَرَآءِ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (8)

6

ولكن القرآن لا يذكر الأحكام جافة مجردة ، إنما يوردها في جو حي يتجاوب فيه الأحياء . ومن ثم أحاط كل طائفة من هذه الطوائف الثلاث بصفاتها الواقعية الحية التي تصور طبيعتها وحقيقتها ؛ وتقرر الحكم حيا يتعامل مع هؤلاء الأحياء :

( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا ، وينصرون الله ورسوله ، أولئك هم الصادقون ) . .

وهي صورة صادقة تبرز فيها أهم الملامح المميزة للمهاجرين . . أخرجوا إخراجا من ديارهم وأموالهم . أكرههم على الخروج الأذى والاضطهاد والتنكر من قرابتهم وعشيرتهم في مكة . لا لذنب إلا أن يقولوا ربنا الله . . . وقد خرجوا تاركين ديارهم وأموالهم ( يبتغون فضلا من الله ورضوانا )اعتمادهم على الله في فضله ورضوانه . لا ملجأ لهم سواه ، ولا جناب لهم إلا حماه . . وهم مع أنهم مطاردون قليلون ( ينصرون الله ورسوله ) . . بقلوبهم وسيوفهم في أحرج الساعات وأضيق الأوقات . ( أولئك هم الصادقون ) . . الذين قالوا كلمة الإيمان بألسنتهم ، وصدقوها بعملهم . وكانوا صادقين مع الله في أنهم اختاروه . وصادقين مع رسوله في أنهم اتبعوه . وصادقين مع الحق في أنهم كانوا صورة منه تدب على الأرض ويراها الناس !

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{لِلۡفُقَرَآءِ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (8)

{ للفقراء المهاجرين } بدل من " ولذي القربى " أو متعلق بفعل محذوف ، والجملة استئناف بياني . وذلك أنهم كانوا يعلمون أن الخمس يصرف لمن تضمنه قوله تعالى : { فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل } ولم يعلموا مصرف الأربعة الأخماس الباقية ؛ فكأنهم قالوا : فلمن تكون هذه ! فقيل : تكون للفقراء المهاجرين والأنصار ومن جاء بعدهم ؛ فهي للمسلمين عامة ، وهو صلى الله عليه وسلم يتصرف فيها تخصيصا وتعميما كما يشاء .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{لِلۡفُقَرَآءِ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (8)

{ للفقراء المهاجرين } يعني خمس الفيء للذين هاجروا إلى المدينة وتركوا ديارهم وأموالهم حبا لله ولرسوله ونصرة لدينه وهو قوله :{ وينصرون الله } أي دينه ، { ورسوله أولئك هم الصادقون } في ايمانهم .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لِلۡفُقَرَآءِ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (8)

أي الفيء والغنائم { للفقراء المهاجرين } ، وقيل : { كي لا يكون دولة بين الأغنياء } ولكن يكون { للفقراء } ، وقيل : هو بيان لقوله : { ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل } فلما ذكروا بأصنافهم قيل المال لهؤلاء ؛ لأنهم فقراء ومهاجرون وقد أخرجوا من ديارهم ، فهم أحق الناس به ، وقيل : { ولكن الله يسلط رسله على من يشاء } للفقراء المهاجرين لكيلا يكون المال دولة للأغنياء من بني الدنيا . وقيل : والله شديد العقاب للمهاجرين ، أي شديد العقاب للكفار بسبب الفقراء المهاجرين ومن أجلهم . ودخل في هؤلاء الفقراء المتقدم ذكرهم في قوله تعالى : { ولذي القربى واليتامى } . وقيل : هو عطف على ما مضى ، ولم يأت بواو العطف كقولك : هذا المال لزيد لبكر لفلان لفلان . والمهاجرون هنا : من هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم حبا فيه ونصرة له . قال قتادة : هؤلاء المهاجرون الذين تركوا الديار والأموال والأهلين والأوطان حبا لله ولرسول ، حتى إن الرجل منهم كان يعصب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع ، وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ماله دثار غيرها . وقال عبدالرحمن بن أبزى وسعيد بن جبير : كان ناس من المهاجرين لأحدهم العبد والزوجة والدار والناقة يحج عليها ويغزو فنسبهم الله إلى الفقر وجعل لهم سهما في الزكاة . ومعنى { أخرجوا من ديارهم } أي أخرجهم كفار مكة ، أي أحوجوهم إلى الخروج ، وكانوا مائة رجل . { يبتغون } يطلبون ، { فضلا من الله } أي غنيمة في الدنيا { ورضوانا } في الآخرة ، أي مرضاة ربهم . { وينصرون الله ورسوله } في الجهاد في سبيل الله ، { أولئك هم الصادقون } في فعلهم ذلك . وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب بالجابية{[14840]} فقال : من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب ، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت ، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل ، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني ، فإن الله تعالى جعلني له خازنا وقاسما ، ألا وإني باد بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فمعطيهن ، ثم المهاجرين الأولين ، أنا وأصحابي أخرجنا من مكة من ديارنا وأموالنا .


[14840]:بلدة دمشق.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{لِلۡفُقَرَآءِ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (8)

{ للفقراء } هذا بدل من قوله : { لذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل } ليبين بذلك أن المراد المهاجرين ووصفهم بأنهم أخرجوا من ديارهم وأموالهم لأنهم هاجروا من مكة وتركوا فيها أموالهم وديارهم .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لِلۡفُقَرَآءِ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (8)

ولما نزع سبحانه أموال الفيء وما كانت عليه في الجاهلية ، وبين مصرف الفيء من القرى ، وتهدد في المخالفة في ذلك لصعوبته على النفوس ، فكان ذلك جديراً بالتقبل بعد أن أفهم أن أموال بني النضير لمن سلطه عليهم وهو رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكان من المعلوم من حاله صلى الله عليه وسلم الإيثار على نفسه والقناعة بما دون الكفاف ، بين المصرف فيها بعد كفايته صلى الله عليه وسلم لأن بيان ذلك هو المقصود الأعظم لكونه حاصلاً حاضراً ، الموطأ له بأموال أهل القرى ، فقال مبدلاً من{[63883]} { لله وللرسول } وما عطف عليهما لأن{[63884]} من أعطى المهاجرين لهجرتهم وتجردهم من أموالهم وديارهم فإنما أعطاهم لوجه الله ووجه رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا يكون بدلاً من { ذي القربى } لئلا يختص بفقيرهم ، أو يكون جواباً لمن كأنه{[63885]} قال : قد سمعنا وأطعنا فلمن{[63886]} يكون ما سلط الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من أموالهم ؟ فقيل له : { للفقراء } أي الذي كان الإنسان منهم يعصب الحجر على بطنه من الجوع ويتخذ الحفرة في الشتاء لتقيه{[63887]} البرد ، ما له دثار{[63888]} غيرها بعد أن كان له من الأموال ما يسعه ويفضل منه ما يصل به غيره ، وإنما وصفهم بالفقر لأنهم كانوا عند نزولها{[63889]} كذلك ، ثم خصص بالوصف فقال : { المهاجرين } ولما كانت الهجرة قد تطلق على من هجر أهل الكفر{[63890]} من غير مفارقة{[63891]} الوطن فقال : { الذين أخرجوا } وبناه للمفعول لأن المنكئ الإخراج ، لا كونه من مخرج معين { من ديارهم } ولما كان الإخراج هنا مضمناً معنى المنع ، واختبر التعبير به إشارة{[63892]} إلى أن المال السترة للإنسان لأنه ظرف له ، قال : { وأموالهم } .

ولما كان طلب الدنيا من النقائص ، بين أنه إذا كان {[63893]}من الله{[63894]} لم يكن كذلك ، وأنه لا يكون قادحاً في الإخلاص ، وأن أمر بني النضير إنما يسر{[63895]} تحقيقاً لرجائهم فقال : { يبتغون } أي أخرجوا{[63896]} حال كونهم يطلبون{[63897]} على وجه الاجتهاد . وبين أنه لا يجب عليه شيء لأحد بقوله تعالى : { فضلاً من الله } أي الملك الأعظم الذي لا كفوء له لأنه المختص بجميع صفات الكمال من الدنيا والدين والآخرة فيغنيهم بفضله عمن سواه { ورضواناً } يوفقهم لما{[63898]} يرضيه عنهم ولا يجعل{[63899]} رغبتهم في العوض منه قادحاً في الإخلاص فيوصلهم إلى دار كرامته .

ولما وصفهم بتعليق بواطنهم به سبحانه وقطعها بالرضا بالإخراج عمن و عما{[63900]} سواه ، وصفهم{[63901]} ببذل ظواهرهم له فقال : { وينصرون } أي{[63902]} على سبيل التجديد في كل وقت والاستمرار { الله } أي الملك الأعظم المجيد{[63903]} { ورسوله } الذي عظمته من عظمته بأنفسهم وأموالهم ليضمحل حزب الشيطان . ولما بان ما له بهم سبحانه من العناية{[63904]} ترقب السامع من مدحهم ما يليق بهذا الإخبار .

فقال مستأنفاً ما هو كالعلة لتخصيصهم : { أولئك } أي العالو الرتبة في الأخلاق الفاضلة { هم } أي خاصة {[63905]}لا غيرهم{[63906]} { الصادقون } العريقون في هذا الوصف لأن مهاجرتهم لما{[63907]} ذكر وتركهم لما وصف دل على كمال{[63908]} صدقهم فيما ادعوه من الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم حيث نابذوا من عاداهما{[63909]} وهو القريب الصافي نسباً وداراً وأولوا أولياءهما{[63910]} من كانوا وإن بعدت دارهم وشط مزارهم ، وهذا يدل على أن مبنى الدين على إقامة البينات{[63911]} بالثبات عن الابتلاءات{[63912]} على أن العون قد{[63913]} يأتي على قدر البلاء لأن الله تعالى قد{[63914]} خص المهاجرين مما أذن فيه من أموال بني النضير .


[63883]:من ظ وم، وفي الأصل: هذا
[63884]:- من ظ، وفي الأصل وم: لا.
[63885]:- من ظ وم، وفي الأصل: كان.
[63886]:- من ظ وم، وفي الأصل: فلن.
[63887]:- زيد في الأصل: من، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[63888]:-من م، وفي الأصل وظ: زناد.
[63889]:- من ظ وم، وفي الأصل: نزول القرآن.
[63890]:- من ظ وم، وفي الأصل: يسره.
[63891]:- من ظ و م، وفي الأصل: مصادفة.
[63892]:- زيد من ظ وم.
[63893]:- من م، وفي الأصل وظ: لله.
[63894]:- من م، وفي الأصل وظ: لله.
[63895]:- من ظ وم، وفي الأصل: يستر.
[63896]:- زيد من ظ وم.
[63897]:- زيد في الأصل: من النقائص، بين إنه إذا كان من-وهو تكرار فحذفناها.
[63898]:- من ظ وم، وفي الأصل: بما.
[63899]:- من ظ وم، وفي الأصل: لا يحل.
[63900]:- زيد من ظ وم.
[63901]:- زيد من م.
[63902]:- زيد من م.
[63903]:- سقط من ظ وم.
[63904]:- من م، وفي الأصل وظ: الغاية.
[63905]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[63906]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[63907]:- من م، وفي الأصل وظ: لم.
[63908]:- من ظ وم، وفي الأصل: كما.
[63909]:- من ظ وم، وفي الأصل: عادا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
[63910]:- من ظ وم، وفي الأصل: أوليائها.
[63911]:- من م، وفي الأصل وظ: البيان.
[63912]:- من ظ وم، وفي الأصل: الابتلاء.
[63913]:- سقط من م.
[63914]:- سقط من ظ.