النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{لِلۡفُقَرَآءِ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (8)

{ للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم } يعني بالمهاجرين من هاجر عن وطنه من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار هجرته وهي المدينة خوفاً من أذى قومه ورغبة في نصرة نبيّه فهم المقدمون في الإسلام على جميع أهله .

{ يبتغون فضلاً من الله ورضواناً } يعني فضلاً من عطاء الله في الدنيا ، ورضواناً من ثوابه في الآخرة .

ويحتمل وجهاً ثانياً : أن الفضل الكفاية ، والرضوان القناعة .

وروى علي بن رباح اللخمي أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية{[2942]} فقال : من أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت{[2943]} ، ومن أراد أن يسأل عن الفقة فليأت معاذ بن جبل ، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني فإن الله تعالى جعلني خازناً وقاسماً ، إني بادىء بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فمعطيهن ، ثم بالمهاجرين الأولين أنا وأصحابي أخرجنا من مكة من ديارنا وأموالنا .

قال قتادة : لأنهم اختاروا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على ما كانت من شدة ، حتى ذكر لنا أن الرجل كان يعصب على بطنه الحجر ليقيم صلبه من الجوع ، وكان الرجل يتخذ الحفيرة{[2944]} في الشتاء ما له دثار غيرها .


[2942]:بلدة بسورية.
[2943]:وفي رواية أنه بدأ بقوله: من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب.
[2944]:في نسخة الحظيرة وفي أخرى الحصيرة.