مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{لِلۡفُقَرَآءِ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (8)

قوله تعالى : { للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون } .

اعلم أن هذا بدل من قوله : { ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل } كأنه قيل : أعني بأولئك الأربعة هؤلاء الفقراء والمهاجرين الذين من صفتهم كذا وكذا ، ثم إنه تعالى وصفهم بأمور : ( أولها ) أنهم فقراء ( وثانيها ) أنهم مهاجرون ( وثالثها ) أنهم أخرجوا من ديارهم وأموالهم يعني أن كفار مكة أحوجوهم إلى الخروج فهم الذين أخرجوهم ( ورابعها ) أنهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا ، والمراد بالفضل ثواب الجنة وبالرضوان قوله : { ورضوان من الله أكبر } ( وخامسها ) قوله : { وينصرون الله ورسوله } أي بأنفسهم وأموالهم ( وسادسها ) قوله : { أولئك هم الصادقون } يعني أنهم لما هجروا لذات الدنيا وتحملوا شدائدها لأجل الدين ظهر صدقهم في دينهم ، وتمسك بعض العلماء بهذه الآية على إمامة أبي بكر رضي الله عنه ، فقال : هؤلاء الفقراء من المهاجرين والأنصار كانوا يقولون لأبي بكر يا خليفة رسول الله ، والله يشهد على كونهم صادقين ، فوجب أن يكونوا صادقين في قولهم يا خليفة رسول الله ، ومتى كان الأمر كذلك وجب الجزم بصحة إمامته .