البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{لِلۡفُقَرَآءِ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (8)

{ للفقراء } ، قال الزمخشري : بدل من قوله : { ولذي القربى } ، والمعطوف عليه والذي منع الإبدال من { لله وللرسول } ، والمعطوف عليهما ، وإن كان المعنى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن الله عز وجل أخرج رسوله من الفقراء في قوله : { وينصرون الله ورسوله } ، وأنه يترفع برسول الله صلى الله عليه وسلم عن التسمية بالفقير ، وأن الإبدال على ظاهر اللفظ من خلاف الواجب في تعظيم الله عز وعلا . انتهى .

وإنما جعله الزمخشري بدلاً من قوله : { ولذي القربى } ، لأنه مذهب أبي حنيفة ، والمعنى إنما يستحق ذو القربى الفقير .

فالفقر شرط فيه على مذهب أبي حنيفة ، ففسره الزمخشري على مذهبه .

وأما الشافعي ، فيرى أن سبب الاستحقاق هو القرابة ، فيأخذ ذو القربى الغني لقرابته .

وقال ابن عطية : { للفقراء المهاجرين } بيان لقوله : { والمساكين وابن السبيل } ، وكررت لام الجر لما كانت الأولى مجرورة باللام ، ليبين بين الأغنياء منكم ، أي ولكن يكون للفقراء . انتهى .

ثم وصف تعالى المهاجرين بما يقتضي فقرهم ويوجب الإشفاق عليهم .

{ أولئك هم الصادقون } : أي في إيمانهم وجهادهم قولاً وفعلاً .