إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لِلۡفُقَرَآءِ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (8)

{ لِلْفُقَرَاء المهاجرين } بدلٌ من لذِي القُربى وما عُطفَ عليهِ فإنَّ الرسولَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ لا يسمَّى فقيراً . ومَن أعطَى الأغنياءَ ذوِي القُربى خصَّ الإِبدالَ بما بعدَهُ وأما تخصيصُ اعتبارِ الفقرِ بفيءِ بني النضيرِ فتعسفٌ ظاهرٌ { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن ديارهم وأموالهم } حيثُ اضطرهُم كفارُ مكةَ وأحوجُوهُم إلى الخروجِ وكانُوا مائةَ رجلٍ فخرجُوا منها { يَبْتَغُونَ فَضْلاً منَ الله وَرِضْوَاناً } من الديار والأموالِ . وقُيِّدَ ذلكَ ثانياً بما يوجبُ تفخيمَ شأنِهِم ويؤكدُهُ { وَيَنصُرُونَ الله وَرَسُولَهُ } عطفٌ على يبتغونَ فهيَ حالٌ مقدرةٌ أي ناوينَ لنصرةِ الله تعالى ورسولِهِ ، أو مقارِنةٌ فإنَّ خروجَهُم من بين الكفارِ مراغمينَ لهم مهاجرينَ إلى المدينةِ نصرةٌ وأيُّ نصرةٍ ، { أولئك } الموصوفونَ بما فُصِّلَ من الصفاتِ الحميدةِ { هُم الصادقون } الراسخونَ في الصدقِ حيثُ ظهرَ ذلكَ بما فعلُوا ظهوراً بيناً .