في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (2)

( اتخذوا أيمانهم جنة ) . . وهي توحي بأنهم كانوا يحلفون الأيمان كلما انكشف أمرهم ، أو عرف عنهم كيد أو تدبير ، أو نقلت عنهم مقالة سوء في المسلمين . كانوا يحلفون ليتقوا ما يترتب على افتضاح أمر من أمورهم ، فيجعلون أيمانهم وقاية وجنة يحتمون وراءها ، ليواصلوا كيدهم ودسهم وإغواءهم للمخدوعين فيهم . ( فصدوا عن سبيل الله ) . . صدوا أنفسهم وصدوا غيرهم مستعينين بتلك الأيمان الكاذبة : ( إنهم ساء ما كانوا يعملون ) . . وهل أسوأ من الكذب للخداع والتضليل ! ?

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (2)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: اتخذ المنافقون أيمانهم جنة، وهي حلفهم... وقوله:"جُنّةً": سترة يسترون بها كما يستر المستجنّ بجنته في حرب وقتال، فيمنعون بها أنفسهم وذراريهم وأموالهم، ويدفعون بها عنها...

وقوله: "فَصَدّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ "يقول: فأعرضوا عن دين الله الذي بَعَثَ به نبيه صلى الله عليه وسلم وشريعته التي شرعها لخلقه.

"إنّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ" يقول: إن هؤلاء المنافقين الذين اتخذوا أيمانهم جنة ساء ما كانوا يعملون في اتخاذهم أيمانهم جُنة، لكذبهم ونفاقهم، وغير ذلك من أمورهم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله} له تأويلان:

أحدهما: صدوا أي أعرضوا بأنفسهم عن طاعة الله والإيمان برسوله.

والثاني: صدوا الضّعفة عن اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الإيمان...

وقوله تعالى: {إنهم ساء ما كانوا يعملون} أي بئس ما كانوا يعملون من الإعراض عن الآيات والحجج حين آثروا الكفر على الإيمان...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{اتخذوا أيمانهم جُنَّةً} يجوز أن يراد أنّ قولهم نشهد إنك لرسول الله يمين من أيمانهم الكاذبة، لأنّ الشهادة تجري مجرى الحلف فيما يراد به من التوكيد، يقول الرجل: أشهد وأشهد بالله...

أحكام القرآن لابن العربي 543 هـ :

هَذِهِ الْيَمِينُ كَانَتْ غَمُوسًا كَاذِبَةً من عَدِيمِ الْإِيمَانِ؛ فَهِيَ مُوجِبَةٌ لِلنَّارِ...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

أي: اتقوا الناس بالأيمان الكاذبة والحَلْفات الآثمة، ليصدقوا فيما يقولون، فاغتر بهم من لا يعرف جلية أمرهم، فاعتقدوا أنهم مسلمون فربما اقتدى بهم فيما يفعلون وصدقهم فيما يقولون، وهم من شأنهم أنهم كانوا في الباطن لا يألون الإسلام وأهله خَبَلا فحصل بهذا القدر ضرر كبير على كثير من الناس ولهذا قال تعالى: {فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(اتخذوا أيمانهم جنة).. وهي توحي بأنهم كانوا يحلفون الأيمان كلما انكشف أمرهم، أو عرف عنهم كيد أو تدبير، أو نقلت عنهم مقالة سوء في المسلمين. كانوا يحلفون ليتقوا ما يترتب على افتضاح أمر من أمورهم، فيجعلون أيمانهم وقاية وجنة يحتمون وراءها، ليواصلوا كيدهم ودسهم وإغواءهم للمخدوعين فيهم. (فصدوا عن سبيل الله).. صدوا أنفسهم وصدوا غيرهم مستعينين بتلك الأيمان الكاذبة: (إنهم ساء ما كانوا يعملون).. وهل أسوأ من الكذب للخداع والتضليل!؟

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والمعنى: جعلوا أيمانهم كالجُنّة يتّقي بها ما يَلْحق من أذى...

{فصدوا عن سبيل الله} تفريع لصدهم عن سبيل الله على الحلف الكاذب لأن اليمين الفاجرة من كبائر الإِثم لما فيها من الاستخفاف بجانب الله تعالى ولأنهم لما حلفوا على الكذب ظنوا أنهم قد أمنوا اتّهام المسلمين إياهم بالنفاق فاستمروا على الكفر والمكر بالمسلمين وذلك صدّ عن سبيل الله، أي إعراض عن الأعمال التي أمر الله بسلوكها...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

تذكر الآية اللاحقة العلامة الثانية [للمنافقين]: (اتّخذوا أيمانهم جنّة فصدّوا عن سبيل الله إنّهم ساء ما كانوا يعملون). ذلك لأنّهم يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، ويضعون الموانع والعراقيل في طريق هداية الناس، وليس هناك أقبح من أن يمنع الإنسان غيره من الاهتداء...

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (2)

ولما كان المعنى أنهم لم يعتقدوا ما شهدوا به ، وكان كأنه قيل : فما الحامل لهم على هذا الكلام المؤكد والكذب في غاية القباحة لا سيما عند العرب ، علله بقوله مسمياً شهادتهم إيماناً لأن الشهادة تجري مجرى القسم في إرادة التوكيد ، ولذلك يتلقى بما يتلقى به القسم : { اتخذوا } أي أخذو بجهدهم { أيمانهم } أي كلها من شهادتهم هذه المجتهد في توكيدها وكل يمين سواها { جنة } أي وقاية تقيهم المكاره الدنيوية و{[65456]}يستترون بها منها فيصونون{[65457]} بها دماءهم وأموالهم ، فاستضاؤوا بنور الإجابة فلم{[65458]} ينبسط عليهم شعاع نور السعادة فانطفأ نورهم بقهر الحرمان ، وبقوا في ظلمات القسمة السابقة بحكم الخذلان { فصدوا } أي فسبب لهم اتخاذهم هذا أن أعرضوا بأنفسهم مع{[65459]} سوء البواطن{[65460]} وحرارة الصدور ، وحملوا غيرهم على الإعراض لما يرى من سيئ أحوالهم بتلك الظواهر مع بقائهم على{[65461]} ما كانوا ألفوه من الكفر الذي يزينه الشيطان { عن سبيل الله } أي عن طريق الملك الأعظم الذي شرعه لعباده ليصلوا به إلى محل رضوانه ، ووصلوا إلى ذلك بخداعهم ومكرهم بجرأتهم على الأيمان الحانثة التي يمشون حالهم بها لما شرعه الله في هذه الحنيفية السمحة من القناعة من الحالف بيمينه فيما لا يعلم إلا من قبله .

ولما كان ما أخبر به من حالهم في غاية القباحة ، أنتج قوله : { إنهم } وأكده لأن حالهم بعجبهم ويعجب كثيراً ممن قاربهم { ساء ما كانوا } أي جبلة وطبعاً { يعملون * } أي يجددون عمله مستمرين عليه بما هو كالجبلة من جرأتهم على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وخلص عباده بالأيمان الحانثة .


[65456]:- زيد من ظ.
[65457]:- من ظ وم، وفي الأصل: فيضربون.
[65458]:- من م، وفي الأصل وظ: لم.
[65459]:- من ظ وم، وفي الأصل: عن.
[65460]:- من م، وفي الأصل وظ: الباطن.
[65461]:- من ظ وم، وفي الأصل: إلى.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (2)

قوله : { اتخذوا أيمانهم جنة } الأيمان ، جمع يمين وهي الحلف . والجنة ، بضم الجيم يعني سترة أو وقاية . أي حلفوا الأيمان على أنهم منكم وأن محمدا رسول الله على سبيل الله الوقاية التي تقيهم منكم ويستترون بها من القتل أو الأسر .

قوله : { فصدوا عن سبيل الله } صدوا ، من الصد . أي صرفوا الناس عن الدخول في الإسلام بتثبيطهم وبما يشيعونه في نفوسهم من الشكوك والأراجيف . أو من الصدود وهو الإعراض . أي أعرضو عن دين الله وسلكوا سبيل الشيطان في الإفساد والفتنة { إنهم ساء ما كانوا يعملون } أي بئست أعمالهم من النفاق والكذب والصد عن دين الله .