( اتخذوا أيمانهم جنة ) . . وهي توحي بأنهم كانوا يحلفون الأيمان كلما انكشف أمرهم ، أو عرف عنهم كيد أو تدبير ، أو نقلت عنهم مقالة سوء في المسلمين . كانوا يحلفون ليتقوا ما يترتب على افتضاح أمر من أمورهم ، فيجعلون أيمانهم وقاية وجنة يحتمون وراءها ، ليواصلوا كيدهم ودسهم وإغواءهم للمخدوعين فيهم . ( فصدوا عن سبيل الله ) . . صدوا أنفسهم وصدوا غيرهم مستعينين بتلك الأيمان الكاذبة : ( إنهم ساء ما كانوا يعملون ) . . وهل أسوأ من الكذب للخداع والتضليل ! ?
الأولى- قوله تعالى : " اتخذوا أيمانهم جنة " أي سترة . وليس يرجع إلى قوله " نشهد إنك لرسول الله " وإنما يرجع إلى سبب الآية التي نزلت عليه ، حسب ما ذكره البخاري والترمذي عن ابن أبي أنه حلف ما قال وقد قال . وقال الضحاك : يعني حلفهم بالله " إنهم لمنكم " وقيل : يعني بأيمانهم ما أخبر الرب عنهم في سورة " التوبة " إذ قال : " يحلفون بالله ما قالوا " [ التوبة : 74 ] .
الثانية- من قال أقسم بالله أو أشهد بالله أو أعزم بالله أو أحلف بالله ، أو أقسمت بالله أو أشهدت بالله أو أعزمت بالله أو أحلفت بالله ، فقال في ذلك كله " بالله " فلا خلاف أنها يمين . وكذلك عند مالك وأصحابه إن قال : أقسم أو أشهد أو أعزم أو أحلف ، ولم يقل " بالله " ، إذا أراد " بالله " . وإن لم يرد " بالله " فليس بيمين . وحكاه الكيا عن الشافعي ، قال الشافعي : إذا قال أشهد بالله ونوى اليمين كان يمينا . وقال أبو حنيفة وأصحابه : لو قال أشهد بالله لقد كان كذا كان يمينا ، ولو قال أشهد لقد كان كذا دون النية كان يمينا لهذه الآية ؛ لأن الله تعالى ذكر منهم الشهادة ثم قال : " اتخذوا أيمانهم جنة " . وعند الشافعي لا يكون ذلك يمينا وإن نوى اليمين ؛ لأن قوله تعالى : " اتخذوا أيمانهم جنة " ليس يرجع إلى قوله : " قالوا نشهد " وإنما يرجع إلى ما في " التوبة " من قوله تعالى : " يحلفون بالله ما قالوا " [ التوبة : 74 ] .
الثالثة- قوله تعالى : " فصدوا عن سبيل الله " أي أعرضوا ، وهو من الصدود . أو صرفوا المؤمنين عن إقامة حكم الله عليهم من القتل والسبي وأخذ الأموال ، فهو من الصد ، أو منعوا الناس عن الجهاد بأن يتخلفوا ويفتدي بهم غيرهم . وقيل : فصدوا اليهود والمشركين عن الدخول في الإسلام ، بأن يقولوا ها نحن كافرون بهم ، ولو كان محمد حقا لعرف هذا منا ، ولجعلنا نكالا . فبين الله أن حالهم لا يخفي عليه ، ولكن حكمه أن من أظهر الإيمان أجرى عليه في الظاهر حكم الإيمان . " إنهم ساء ما كانوا يعملون " أي بئست أعمالهم الخبيثة من نفاقهم وأيمانهم الكاذبة وصدهم عن سبيل الله أعمالا .
قوله : { اتخذوا أيمانهم جنة } الأيمان ، جمع يمين وهي الحلف . والجنة ، بضم الجيم يعني سترة أو وقاية . أي حلفوا الأيمان على أنهم منكم وأن محمدا رسول الله على سبيل الله الوقاية التي تقيهم منكم ويستترون بها من القتل أو الأسر .
قوله : { فصدوا عن سبيل الله } صدوا ، من الصد . أي صرفوا الناس عن الدخول في الإسلام بتثبيطهم وبما يشيعونه في نفوسهم من الشكوك والأراجيف . أو من الصدود وهو الإعراض . أي أعرضو عن دين الله وسلكوا سبيل الشيطان في الإفساد والفتنة { إنهم ساء ما كانوا يعملون } أي بئست أعمالهم من النفاق والكذب والصد عن دين الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.