في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا} (23)

وكان من مكرهم تحريض الناس على الاستمساك بالأصنام التي يسمونها آلهة : ( وقالوا : لا تذرن آلهتكم ) . . بهذه الإضافة : ( آلهتكم )لإثارة النخوة الكاذبة والحمية الآثمة في قلوبهم . وخصصوا من هذه الأصنام أكبرها شأنا فخصوها بالذكر ليهيج ذكرها في قلوب العامة المضللين الحمية والاعتزاز . . ( ولا تذرن ودا ، ولا سواعا ، ولا يغوث ، ويعوق ، ونسرا ) . . وهي أكبر آلهتهم التي ظلت تعبد في الجاهليات بعدهم إلى عهد الرسالة المحمدية .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا} (23)

لا تذَرُنّ : لا تتركن .

وداً وسواعاً ويغوث ويعوق ونَسْراً : أسماء أصنام كانوا يعيدونها .

وقالوا لأتباعهم : لا تتركوا آلهتكم التي تعبُدونها ولا تتركوا وَدّاً ولا سُواعاً

ولا يغوثَ ويعوقَ ونَسْرا .

قراءات :

قرأ نافع : ودا بضم الواو . والباقون : ودا بفتح الواو .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا} (23)

{ وقالوا } لهم : { لا تذرن آلهتكم } أي : عبادتها ، { ولا تذرن وداً } قرأ أهل المدينة بضم الواو والباقون بفتحها ، { ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً } هذه أسماء آلهتهم . قال محمد بن كعب : هذه أسماء قوم صالحين كانوا بين آدم ونوح ، فلما ماتوا كان لهم أتباع يقتدرون بهم ويأخذون بعدهم بأخذهم في العبادة فجاءهم إبليس وقال لهم : لو صورتم صورهم كان أنشط لكم وأشوق إلى العبادة ، ففعلوا ثم نشأ قوم بعدهم فقال لهم إبليس : إن الذين من قبلكم كانوا يعبدونهم فعبدوهم ، فابتداء عبادة الأوثان كان من ذلك . وسميت تلك الصور بهذه الأسماء لأنهم صوروها على صور أولئك القوم من المسلمين . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا هشام عن ابن جريج وقال عطاء عن ابن عباس : صارت الأوثان التي كانت تعبد في قوم نوح في العرب بعد ، أما ود فكانت لكلب بدومة الجندل ، وأما سواع فكانت لهذيل ، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ ، وأما يعوق فكانت لهمدان ، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع ، وهذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم : أن انصبوا في مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم ، ففعلوا فلم تعبد ، حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت . وروي عن ابن عباس : أن تلك الأوثان دفنها الطوفان وطمها التراب ، فلم تزل مدفونة حتى أخرجها الشيطان لمشركي العرب ، وكانت للعرب أصنام أخر ، فاللات كانت لثقيف ، والعزى لسليم وغطفان وجشم ، ومناة لقديد ، وأساف ونائلة وهبل لأهل مكة .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا} (23)

{ وقالوا } لسفلتهم { لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا } وهي أسماء أوثانهم

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا} (23)

قال ابن عباس وغيره : هي أصنام وصور ، كان قوم نوح يعبدونها ثم عبدتها العرب وهذا قول الجمهور . وقيل : إنها للعرب لم يعبدها غيرهم . وكانت أكبر أصنامهم وأعظمها عندهم ؛ فلذلك خصوها بالذكر بعد قوله تعالى : " لا تذرن آلهتكم " . ويكون معنى الكلام كما قال قوم نوح لأتباعهم : " لا تذرن آلهتكم " قالت العرب لأولادهم وقومهم : لا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ، ثم عاد بالذكر بعد ذلك إلى قوم نوح عليه السلام . وعلى القول الأول ، الكلام كله منسوق في قوم نوح . وقال عروة بن الزبير وغيره : اشتكى آدم عليه السلام وعنده بنوه : ود ، وسواع ، ويغوث ، ويعوق ، ونسر . وكان ود أكبرهم وأبرهم به . قال محمد بن كعب : كان لآدم عليه السلام خمس بنين : ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر ، وكانوا عبادا فمات واحد منهم فحزنوا عليه ، فقال الشيطان : أنا أصور لكم مثله إذا نظرتم إليه ذكرتموه . قالوا : أفعل . فصوره في المسجد من صفر ورصاص . ثم مات آخر ، فصوره حتى ماتوا كلهم فصورهم . وتنقصت الأشياء كما تتنقص اليوم إلى أن تركوا عبادة الله تعالى بعد حين . فقال لهم الشيطان : مالكم لا تعبدون شيئا ؟ قالوا : وما نعبد ؟ قال : آلهتكم وآلهة آبائكم ، ألا ترون في مصلاكم . فعبدوها من دون الله ، حتى بعث الله نوحا فقالوا : { لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا " الآية . وقال محمد بن كعب أيضا ومحمد بن قيس : بل كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح ، وكان لهم تبع يقتدون بهم ، فلما ماتوا زين لهم إبليس أن يصوروا صورهم ليتذكروا بها اجتهادهم ، وليتسلوا بالنظر إليها ، فصورهم . فلما ماتوا هم وجاء آخرون قالوا : ليت شعرنا هذه الصور ما كان آباؤنا يصنعون بها ؟ فجاءهم الشيطان فقال : كان آباؤكم يعبدونها فترحمهم وتسقيهم المطر . فعبدوها فابتدئ عبادة الأوثان من ذلك الوقت .

قلت : وبهذا المعنى فسر ما جاء في صحيح مسلم من حديث عائشة : أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينَها{[15395]} بالحبشة تسمى مارية ، فيها تصاوير لرسول{[15396]} الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور ، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة ) . وذكر الثعلبي عن ابن عباس قال : هذه الأصنام أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن أنصبوا في مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم تذكروهم بها ، ففعلوا ، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت من دون الله . وذكر أيضا عن ابن عباس : أن نوحا عليه السلام ، كان يحرس جسد آدم عليه السلام على جبل بالهند ، فيمنع الكافرين أن يطوفوا بقبره ، فقال لهم الشيطان : إن هؤلاء يفخرون عليكم ويزعمون أنهم بنو آدم دونكم ، وإنما هو جسد ، وأنا أصور لكم مثله تطوفون به ، فصور لهم هذه الأصنام الخمسة وحملهم على عبادتها . فلما كان أيام الطوفان دفنها الطين والتراب والماء ، فلم تزل مدفونة حتى أخرجها الشيطان لمشركي العرب . قال الماوردي : فأما ود فهو أول صنم معبود ، سمي ودا لودهم له ، وكان بعد قوم نوح لكلب بدومة الجندل ، في قول ابن عباس وعطاء ومقاتل . وفيه يقول شاعرهم :

حياك وَدُّ فإنّا لا يحل لنا لَهْوُ *** النساء وإن الدِّين قد عَزَمَا

وأما سواع فكان لهذيل بساحل البحر ، في قولهم .

وأما يغوث فكان لغطيف من مراد بالجوف من سبأ ، في قول قتادة . وقال المهدوي . لمراد ثم لغطفان . الثعلبي : وأخذت أعلى وأنعم - وهما من طيء - وأهل جُرَش من مذحج يغوث فذهبوا به إلى مراد فعبدوه زمانا . ثم إن بني ناجية أرادوا نزعه من أعلى{[15397]} وأنعم ، ففروا به إلى الحصين أخي بن الحارث بن كعب من خزاعة . وقال أبو عثمان النهدي : رأيت يغوث وكان من رصاص ، وكانوا يحملونه على جمل أحرد{[15398]} ، ويسيرون معه ولا يهيجونه حتى يكون هو الذي يبرك ، فإذا برك نزلوا وقالوا : قد رضي لكم المنزل ، فيضربون عليه بناء ينزلون حوله .

وأما يعوق فكان لهمدان ببلخع{[15399]} ، في قول عكرمة وقتادة وعطاء . ذكره الماوردي . وقال الثعلبي : وأما يعوق فكان لكهلان من سبأ ، ثم توارثه بنوه ؛ الأكبر فالأكبر حتى صار إلى همدان . وفيه يقول مالك بن نمط الهمداني :

يَرِيشُ الله في الدنيا ويَبْري *** ولا يَبْرِي يعوقُ ولا يَرِيشُ

وأما نسر فكان لذي الكلاع من حمير ، في قول قتادة ، ونحوه عن مقاتل . وقال الواقدي : كان ود على صورة رجل ، وسواع على صورة امرأة ، ويغوث على صورة أسد ، ويعوق على صورة فرس ، ونسر على صورة نسر من الطير ، فالله أعلم . وقرأ نافع " ولا تذرن ودا " بضم الواو . وفتحها الباقون . قال الليث : ود ( بفتح الواو ) صنم كان لقوم نوح . وود ( بالضم ) صنم لقريش ، وبه سمي عمرو بن ود . وفي الصحاح : والود ( بالفتح ) الوتد في لغة أهل ، نجد ، كأنهم سكنوا التاء وأدغموها في الدال . والود في قول امرئ القيس :

تظهر الود إذا ما أَشْجَذَتْ *** وتُوارِيه إذا ما تَعْتَكِرْ{[15400]}

قال ابن دريد : هو اسم جبل : وود صنم كان لقوم نوح عليه السلام ثم صار لكلب وكان بدومة الجندل ، ومنه سموه عبد ود وقال : " لا تذرن آلهتكم " ثم قال : " ولا تذرون ودا ولا سواعا " الآية . خصها بالذكر ؛ لقوله تعالى : " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح{[15401]} " [ الأحزاب : 7 ] .


[15395]:قوله "رأينها" بنون الجمع على أن أقل الجمع اثنان. أو على أنه كان معهما غيرهما من النسوة. (القسطلاني).
[15396]:قوله "لرسول الله صلى الله عليه وسلم" متعلق ب "ذكرنا"؛ أي ذكرتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
[15397]:زيادة عن تفسير الثعلبي.
[15398]:الحرد (بالتحريك): داء في القوائم إذا مشى البعير نفض قوائمه فضرب بهن الأرض كثيرا.
[15399]:موضع باليمن.
[15400]:الضمير في "تظهر" للديمة (المطر) في البيت قبل هذا. والود (بالفتح) الوتد. و "أشجذت" أقلعت وسكنت. و "تعتكر" تشتد، يقال: اعتكر المطر إذا اشتد. ويروى: "تشتكر" أي تحتفل. يريد: أن هذه السحابة توارى أوتاد البيوت إذا اشتدت وتبديها إذا كفت وأقلعت.
[15401]:راجع جـ 14 ص 127.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا} (23)

قوله : { وقالوا لا تذرنّ آلهتكم } قال الرؤساء والكبراء المتبوعون لعامة الناس وهم التابعون : لا تتركوا عبادة آلهتكم الأصنام { ولا تذرنّ ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا } وهذا من باب عطف الخاص على العام . فهذه أسماء لأصنام كانوا يعبدونها من دون الله . فقد روى البخاري عن ابن عباس قال : صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح ، في العرب بعد . أما ودّ ، فكانت لكلب بدومة الجندل . وأما سواع ، فكانت لهذيل . وأما يغوث ، فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ . وأما يعوق فكانت لهمدان . وأما نشر ، فكانت لحمير ، لآل ذي كلاع وهي أسماء رجال صالحين من قوم نوح عليه السلام فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت .

أما ، ود فهو صنم على صورة رجل . وأما سواع فهو على صورة امرأة . وأما يغوت ، فهو على صورة أسد . وأما يعوق فهو على صورة فرس . وأما نسر ، فهو على صورة نسر . فهذه الأصنام الخمسة كانت أكبر أصنامهم وأعظمها عندهم فخصوها بعد العموم .