في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا} (8)

7

يعبر عنها القرآن بالإلهام تارة : ( ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها ) . . ويعبر عنها بالهداية تارة : ( وهديناه النجدين ) . . فهي كامنة في صميمه في صورة استعداد . . والرسالات والتوجيهات والعوامل الخارجية إنما توقظ هذه الاستعدادات وتشحذها وتوجهها هنا أو هناك . ولكنها لا تخلقها خلقا . لأنها مخلوقة فطرة ، وكائنة طبعا ، وكامنة إلهاما .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا} (8)

فألهمها فجورها وتقواها : عرّفها الحسن والقبيح .

أي عرَّفها الحسن والقبيح ، ومنحها القدرةَ على فعل ما تريد منهما .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا} (8)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يعني وعلمها الضلالة والهدى . ...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

فبيّن لها ما ينبغي لها أن تأتي أو تذر من خير أو شرّ ، أو طاعة أو معصية . ...

وقال آخرون : بل معنى ذلك : أن الله جعل فيها ذلك . ...

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

عرفها وأعلمها ، وقال مجاهد والضحاك وغيرهما : جعل في قلبه فجورها وتقواها ، وهو أولى من القول الأول ؛ لأن الإلهام في اللغة فوق التعريف والإعلام . وقال الزجاج : عدلها للفجور ، ووفقها للتقوى ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

ومعنى إلهام الفجور والتقوى : إفهامهما وإعقالهما ، وأنّ أحدهما حسن والآخر قبيح ، وتمكينه من اختيار ما شاء منهما بدليل قوله : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زكاها ( 9 ) وَقَدْ خَابَ مَن دساها ( 10 ) } . ...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

إنه تعالى ألهم المؤمن المتقي تقواه وألهم الكافر فجوره ....فنبه سبحانه بقوله : { فألهمها فجورها وتقواها } على أن ذلك أيضا منه وبه وبقضائه وقدره ، وحينئذ ثبت أن كل ما سوى الله فهو واقع بقضائه وقدره . وداخل تحت إيجاده وتصرفه . ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ فألهمها } أي النفس إلهام الفطرة السابقة الأولى قبل { ألست بربكم }[ الأعراف : 172 ] { فجورها } أي انبعاثها في الميل مع دواعي الشهوات وعدم الخوف الحامل على خرق سياج الشريعة بسبب ذلك الطبع الذي عدل فيه ذاتها وصفاتها في قسر المتنافرات على التمازج غاية التعديل { وتقواها } أي خوفها الذي أوجب سكونها وتحرزها بوقايات الشريعة ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

يعبر عنها القرآن بالإلهام تارة : ( ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها ) . . ويعبر عنها بالهداية تارة : ( وهديناه النجدين ) . . فهي كامنة في صميمه في صورة استعداد . . والرسالات والتوجيهات والعوامل الخارجية إنما توقظ هذه الاستعدادات وتشحذها وتوجهها هنا أو هناك . ولكنها لا تخلقها خلقا . لأنها مخلوقة فطرة ، وكائنة طبعا ، وكامنة إلهاما . ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والإِلهام : مصدر ألهم ، وهو فعل متعد بالهمزة ولكن المجردَ منه مُمات والإِلهام اسم قليل الورود في كلام العرب ولم يذكر أهل اللغة شاهداً له من كلام العرب . ويطلق الإِلهام إطلاقاً خاصاً على حدوث علم في النفس بدون تعليم ولا تجربة ولا تفكير فهو علم يحصل من غير دليل ....وأما إطلاق الإِلهام على علم يحصل للنفس بدون مستند فهو إطلاق اصطلاحي للصوفية . والمعنى هنا : أن من آثار تسوية النفس إدراك العلوم الأولية والإِدراك الضروري المدرَّج ابتداء من الانسياق الجِبلي نحو الأمور النافعة كطلب الرضيع الثدي أول مرة ، ومنه اتقاء الضار كالفرار مما يُكره ، إلى أن يبلغ ذلك إلى أول مراتب الاكتساب بالنظر العقلي ، وكل ذلك إلهام . وتعدية الإِلهام إلى الفجور والتقوى في هذه الآية مع أن الله أعلم الناس بما هو فجور وما هو تقوى بواسطة الرسل باعتبار أنه لولا ما أودع الله في النفوس من إدراك المعلومات على اختلاف مراتبها لما فهموا ما تدعوهم إليه الشرائع الإلهية ، فلولا العقول لما تيسّر إفهامُ الإِنسان الفجور والتقوى ، والعقابَ والثواب . وتقديم الفجور على التقوى مراعىً فيه أحوال المخاطبين بهذه السورة وهم المشركون ، وأكثر أعمالهم فجور ولا تقوى لهم ، والتقوى صفة أعمال المسلمين وهم قليل يومئذ .

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

الآية التالية تتناول أهم ظاهرة في الخليقة وتقول : ( فألهمها فجورها وتقواها ) . نعم ، حين اكتملت خلقة الإنسان وتحقق وجوده ، علّمه اللّه سبحانه الواجبات والمحظورات . وبذلك أصبح كائناً مزيجاً في خلقته من «الحمأ المسنون » و«نفخة من روح اللّه » ، ومزيجاً في تعليمه من «الفجور » و«التقوى » . أصبح بالتالي كائناً يستطيع أن يتسلق سلّم الكمال الإنساني ليفوق الملائكة ، ومن الممكن أن ينحط لينحدر عن مستوى الأنعام ويبلغ مرحلة ( بل هم أضلّ ) . وهذا يرتبط بالمسير الذي يختاره الإنسان عن إرادة . «ألهمها » [...] وجاء بمعنى «الوحي » أيضاً . بعض المفسّرين يرى أن الفرق بين «الإلهام » و«الوحي » ، هو إنّ الفرد الملهم لا يدري من أين أتى بالشيء الذي ألهم به ، وفي حالة الوحي يعلم بالمصدر وبطريقة وصول الشيء إليه ..... المقصود بالفجور في الآية طبعاً الأسباب والعوامل والطرق المؤدية إلى الذنوب . و«التقوى » من الوقاية وهي الحفظ ، وتعني أنّ يصون الإنسان نفسه من القبائح والآثام والسيئات والذنوب . ويلزم التأكيد أنّ الآية الكريمة : ( فألهمها فجورها وتقواها ) لا تعني أنّ اللّه سبحانه قد أودع عوامل الفجور والتقوى في نفس الإنسان ، كما تصوّر بعضهم ، واستنتج من ذلك دلالة الآية الكريمة على وجود التضاد في المحتوى الداخلي للإنسان ! بل تعني أنّ اللّه تعالى علّم الإنسان هاتين الحقيقتين وألهمه إيّاهما ، وبيّن له طريق السلامة وطريق الشرّ ، ومثل هذا المفهوم ورد في الآية ( 10 ) من سورة البلد : ( وهديناه النجدين ) . بعبارة أخرى ، إنّ اللّه سبحانه قد منح الإنسان قدرة التشخيص والعقل ، والضمير اليقظ بحيث يستطيع أن يميّز بين «الفجور » و«التقوى » عن طريق العقل والفطرة ...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا} (8)

{ فألهمها فجورها وتقواها } علمها الطاعة والمعصية

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا} (8)

قوله تعالى : " فألهمها " أي عرفها ، كذا روى ابن أبي نجيح عن مجاهد . أي عرفها طريق الفجور والتقوى ، وقاله ابن عباس . وعن مجاهد أيضا : عرفها الطاعة والمعصية . وعن محمد بن كعب قال : إذا أراد الله عز وجل بعبده خيرا ، ألهمه الخير فعمل به ، وإذا أراد به السوء ، ألهمه الشر فعمل به . وقال الفراء : " فألهمها " قال : عرفها طريق الخير وطريق الشر ، كما قال : " وهديناه النجدين{[16093]} " [ البلد : 10 ] . وروى الضحاك عن ابن عباس قال : ألهم المؤمن المتقي تقواه ، وألهم الفاجر فجوره . وعن سعيد عن قتادة قال : بين لها فجورها وتقواها . والمعنى متقارب . وروي عن أبي هريرة قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم " فألهمها فجورها وتقواها " قال : [ اللهم آت نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها ] . ورواه جويبر عن الضحاك عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية : " فألهمها فجورها وتقواها " رفع صوته بها ، وقال : [ اللهم آت نفسي تقواها ، أنت وليها ومولاها ، وأنت خير من زكاها ] . وفي صحيح مسلم ، عن أبي الأسود الدؤلي قال : قال لي عمران بن حصين : أرأيت ما يعمل الناس اليوم ، ويكدحون فيه ، أشيء قضي ومضى عليهم من قدر سبق ، أو فيما يستقبلون{[16094]} مما أتاهم به نبيهم ، وثبتت الحجة عليهم ؟ فقلت : بل شيء قضي عليهم ، ومضى عليهم . قال فقال : أفلا يكون ظلما ؟ قال : ففزعت من ذلك فزعا شديدا ، وقلت : كل شيء خلق الله وملك يده ، فلا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون . فقال لي : يرحمك الله إني لم أرد بما سألتك إلا لأحزر{[16095]} عقلك ، إن رجلين من مزينة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا : يا رسول الله ، أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه : أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر قد سبق ، أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم . وثبتت الحجة عليهم ؟ فقال : ( لا بل شيء قضي عليهم ومضى فيهم . وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل : " ونفس وما سواها . فألهمها فجورها وتقواها " ) . والفجور والتقوى : مصدران في موضع المفعول به .


[16093]:آية 10 سورة البلد.
[16094]:في بعض الأصول: "مما يستقبلون به .... الخ".
[16095]:أي لأمتحن عقلك وفهمك ومعرفتك.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا} (8)

ولما كان أعجب أمورها الفجور لما غلب سبحانه عليها من الحظوظ والشهوات ، وهي تعلم بما لها من زاجر العقل بصحيح النقل أن الفجور أقبح القبيح ، والتقوى لما أقام عليها من ملك العقل الملكي وغريزة العلم النوراني أحسن الحسن ، وتذوق أن الفجور أشهى شهي ، وأن التقوى أمرّ شيء وأصعبه ، وأثقله وأتعبه ، قال معلماً أن هذا لا يقدر عليه سواه لأنه أعجب من جميع ما مضى لأن البهيمة لا تقدم على ما يضرها وهي تبصر ولو قطعت ، والآدمي يقدم على ما يضره وهو يعلم ويقاتل من منعه منه ، فقال مسبباً عما حذف من جواب القسم : { فألهمها } أي النفس إلهام الفطرة السابقة الأولى قبل

{ ألست بربكم }[ الأعراف : 172 ] { فجورها } أي انبعاثها في الميل مع دواعي الشهوات وعدم الخوف الحامل على خرق سياج الشريعة بسبب ذلك الطبع الذي عدل فيه ذاتها وصفاتها في قسر المتنافرات على التمازج غاية التعديل { وتقواها * } أي خوفها الذي أوجب سكونها وتحرزها بوقايات الشريعة ، فالآية من الاحتباك : ذكر الفجور أولاً دالّ على السكون الذي هو ضده ثانياً ، وذكر التقوى ثانياً دالّ على ضده ، وهو عدم الخوف أولاً ، وإلهامها للأمرين هو جعله لها عارفة بالخير والشر مستعدة ومتهيئة لكل منهما ؛ ثم زاد ذلك بالبيان التام بحيث لم يبق لبس ، فزالت الشبه عقلاً بالغريزة والإلهام ونقلاً بالرسالة والإعلام . ودل بالإضافة على أن ذلك كله منسوب إليها ومكتوب عليها وإن كان بخلقه وتقديره لأنه أودعها قوة وجعل لها اختياراً صالحاً لكل من النجدين ، وأوضح أمر النجدين في الكتب وعلى ألسنة الرسل عليهم الصلاة والسلام بعد ما وهبه لها من الفطرة القويمة وأخفى عنها سر القضاء والقدرة وعلم العاقبة ، فأقام بذلك عليها الحجة وأوضح المحجة .