في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

والقرآن يرد على هذا الحسبان بعدم جمع العظام مؤكدا وقوعه : ( بلى ! قادرين على أن نسوي بنانه ) . . والبنان أطراف الأصابع ؛ والنص يؤكد عملية جمع العظام ، بما هو أرقى من مجرد جمعها ، وهو تسوية البنان ، وتركيبه في موضعه كما كان ! وهي كناية عن إعادة التكوين الإنساني بأدق ما فيه ، وإكماله بحيث لا تضيع منه بنان ، ولا تختل عن مكانها ، بل تسوى تسوية ، لا ينقص معها عضو ولا شكل هذا العضو ، مهما صغر ودق !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

البنان : مفردها بنانة وهي أطراف الأصابع .

بلى نحن قادرون على ذلك وعلى أعظمَ منه ، فنحن قادرون على أن نسوي بنانه على صغرها ولطافتها ، وضم بعضها إلى بعض ، فكيف بكبار العظام ! إن من يقدر على جمع العظام الصغار فهو على غيرها من الكبار أقدَر .

واعلم أن عظام اليدين ثلاثون ، وعظام أصابع الرجلين ثمانية وعشرون ، فيكون مجموعهما ثمانية وخمسين ، وهذه عظام دقيقة وضعت لمنافع لولاها ما تمت تلك المنافع كالقبض والبسط واستعمال اليدين في الجذب والدفع وغير ذلك مما لا يحصى . فلولا دقة هذه العظام وحسن تركيبها ما انتظمت الأعمال المترتبة على اليدين . وكذلك الفقرات ، تعدّدت ولم تجعل عظمة واحدة ، لأنها لو جُعلت واحدة لعاقت حركة الإنسان . وقد جُعلت فقراتٍ متتالية ليمكنه الحركة والسكون ، ويكون ذلك سهلا عليه أينما كان ، فلولا الفقرات وتفصيلها لم يقدر الإنسان على الانحناء للأعمال والحركات المختلفة ، بل يكون منتصبا كالخشبة . ومجموع العظام في جسم الإنسان مئتان وثمانية وأربعون قطعة ، { فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين } [ المؤمنون : 14 ] .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

فرد عليه بقوله : { بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ } أي : أطراف أصابعه وعظامه ، المستلزم ذلك لخلق جميع أجزاء البدن ، لأنها إذا وجدت الأنامل والبنان ، فقد تمت خلقة الجسد .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

ولما أسند الحسبان إلى النوع لأن منهم من يقول : لا نبعث لأننا نتفتت وننمحق ، قال مجيباً له : { بلى } أي لنجمعن عظامه وجمع أجزائه لأنا قدرنا على تفصيل عظامه وتفتيتها من بعد ارتتاقها حال{[70108]} كونها نطفة واحدة لأن كل من قدر على التفصيل قدر على الجمع والتوصيل حال كوننا { قادرين } أي بما لنا من العظمة { على أن } .

ولما كانت تسوية الصغير أصعب ، قال : { نسوي بنانه * } أي أصابعه أو-{[70109]} سلامياته وهي عظامه الصغار التي في يديه ورجليه كل منها طول إصبع وأقل ، خصها{[70110]} لأنها أطرافه وآخر ما يتم به-{[70111]} خلقه بأن نجمع بعضها إلى بعض على ما كانت عليه قبل الموت سواء ، فالكبار بطريق الأولى لأنها أبين ، ولا فرق ببن تسويتنا ذلك من النطفة وتسويتنا له من التراب ، وهي لا تكون مسواة وهي قالب البدن{[70112]} إلا بتسوية ما عليه من لباس اللحم والعصب والجلد كما يعهدها العاهد ، فتسوية البنان كناية عن تسوية جميع البنيان كما لو قيل لك : {[70113]}هل تقدر{[70114]} على تأليف هذا الحنظل ، فقلت : نعم ، و{[70115]} على تأليف الخردل ، مع ما يفهم من تخصيصها من التنبيه على ما فيها من بديع الصنع المتأثر عنه ما لها من لطائف المنافع ، أو أن نسويها الآن فنجمعها على ما كانت عليه حال{[70116]} كونها نطفة من الاجتماع قبل فتقها وتفريقها حتى تكون كخف البعير ، فإن القادر على تفصيل الأنامل حتى تتهيأ{[70117]} للأعمال اللطيفة قادر على جمعها ، فتزول عنها تلك المنفعة . ومن قدر على تفصيل الماء بعد اختلاطه{[70118]} وجمعه بعد انفصاله قادر على جمع التراب بعد افتراقه ، وكيفما كان فهو تنبيه على التأمل في لطف تفصيل الأنامل وبديع صنعها الموجب للقطع بأن صانعها قادر على كل ما يريد ، قال في القاموس : البنان : الأصابع أو أطرافها . والسلامى - وزن حبارى : عظام صغار طول إصبع أو أقل في اليد والرجل .


[70108]:من ظ و م، وفي الأصل: حالة.
[70109]:زيد من ظ و م.
[70110]:من ظ و م، وفي الأصل: حصتها.
[70111]:زيد من ظ و م.
[70112]:من ظ و م، وفي الأصل: الأبدان.
[70113]:في ظ و م: أتقدر.
[70114]:في ظ و م: أتقدر.
[70115]:من ظ وفي الأصل: أو.
[70116]:من ظ و م، وفي الأصل: حالة.
[70117]:من ظ و م، وفي الأصل: تتهياوه.
[70118]:زيد من ظ و م.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

قوله : { بلى قادرين على أن نسوي بنانه } بلى إيجاب لما بعد النفي . وقادرين ، منصوب على الحال . أي بلى نجمعها قادرين{[4696]} والبنان جمع ، ومفرده بنانة ، وهي أطراف الأصابع {[4697]} . فالله يبين لعباده أنه جامع الناس ليوم القيامة وباعثهم من قبورهم أحياء بل إنه قادر على إرجاع بنانه . فنبّه بالبنان على بقية الأعضاء . وهو لا يعزّ عليه – وهو الخلاق المقتدر أن يعيد خلق الإنسان من جديد بعد أن كان حطاما مختلطا بالتراب .


[4696]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 476.
[4697]:مختار الصحاح ص 65.