في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَرَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَسۡعَىٰ نُورُهُم بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۖ بُشۡرَىٰكُمُ ٱلۡيَوۡمَ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (12)

ثم يعرض لهم صفحة وضيئة من ذلك الأجر الكريم ، في مشهد من مشاهد اليوم الذي يكون فيه ذلك الأجر الكريم .

" والمشهد هنا بإجماله وتفصيله جديد - بين المشاهد القرآنية - وهو من المشاهد التي يحييها الحوار بعد أن ترسم صورتها المتحركة رسما قويا . فنحن الذين نقرأ القرآن اللحظة نشهد مشهدا عجيبا . هؤلاء هم المؤمنون والمؤمنات نراهم . ولكننا نرى بين أيديهم وبأيمانهم إشعاعا لطيفا هادئا . ذلك نورهم يشع منهم ويفيض بين أيديهم . فهذه الشخوص الإنسانية قد أشرقت وأضاءت وأشعت نورا يمتد منها فيرى أمامها ويرى عن يمينها . . إنه النور الذي أخرجها الله إليه وبه من الظلمات . والذي أشرق في أرواحها فغلب على طينتها . أم لعله النور الذي خلق الله منه هذا الكون وما فيه ومن فيه ، ظهر بحقيقته في هذه المجموعة التي حققت في ذواتها حقيقتها !

" ثم ها نحن أولاء نسمع ما يوجه إلى المؤمنين والمؤمنات من تكريم وتبشير : ( بشراكم اليوم جنات تجري

من تحتها الأنهار خالدين فيها ، ذلك هو الفوز العظيم ) . .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَرَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَسۡعَىٰ نُورُهُم بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۖ بُشۡرَىٰكُمُ ٱلۡيَوۡمَ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (12)

يسعى نورهم بين أيديهم : وهو ما قدموه من عمل صالح في الدنيا .

بشراكم : أبشروا .

الكلام في هذه الآية الكريمة عن مشهدٍ من مشاهد يوم القيامة ، فاللهُ سبحانه وتعالى يبين هنا حالَ المؤمنين المنفقين في سبيل الله يومَ القيامة ، فذَكَر أن نورَهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم ليرشدَهم إلى الجنة ، و تقول لهم الملائكة : أبشِروا اليومَ بالجنّات التي تجري من تحتها الأنهارُ وأنتم فيها خالدون أبدا .

{ ذَلِكَ هُوَ الفوز العظيم } وأيّ فوزٍ أعظم من دخول الجنة ! !

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَرَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَسۡعَىٰ نُورُهُم بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۖ بُشۡرَىٰكُمُ ٱلۡيَوۡمَ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (12)

{ 12-15 } { يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } يقول تعالى -مبينا لفضل الإيمان واغتباط أهله به يوم القيامة- : { يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ } أي : إذا كان يوم القيامة ، وكورت الشمس ، وخسف القمر ، وصار الناس في الظلمة ، ونصب الصراط على متن جهنم ، فحينئذ ترى المؤمنين والمؤمنات ، يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ، فيمشون بأيمانهم ونورهم في ذلك الموقف الهائل الصعب ، كل على قدر إيمانه ، ويبشرون عند ذلك بأعظم بشارة ، فيقال : { بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } فلله ما أحلى هذه البشارة بقلوبهم ، وألذها لنفوسهم ، حيث حصل لهم كل مطلوب [ محبوب ] ، ونجوا من كل شر ومرهوب .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَرَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَسۡعَىٰ نُورُهُم بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۖ بُشۡرَىٰكُمُ ٱلۡيَوۡمَ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (12)

ولما بين ما لهذا المقرض ، بين بعض وصفه بالكرم ببيان وقته فقال : { يوم } أي لهم ذلك في الوقت الذي { ترى } فيه بالعين{[62449]} ، وأشار إلى أن المحبوب من المال لا يخرج عنه ولا سيما مع{[62450]} الإقتار إلا من وقر الدين في قلبه بتعبيره بالوصف فقال : { المؤمنين والمؤمنات } أي الذين صار الإيمان لهم صفة راسخة { يسعى } شعاراً لهم وأمارة على سعادتهم { نورهم } الذي يوجب إبصارهم لجميع ما ينفعهم فيأخذوه{[62451]} وما يضرهم فيتركوه{[62452]} ، وذلك بقدر أعمالهم الصالحة التي كانوا يعملونها بنور العلم الذي هو ثمرة الإيمان كما أنهم قدموا المال الذي إنما يقتنيه الإنسان لمثل{[62453]} ذلك جزاء وفاقاً .

ولما كان من يراد تعظيمه يعطى ما يجب وما بعده شريفاً ( ؟ ) في الأماكن التي يحبها قال : { بين أيديهم } أي حيث ما توجهوا ، ولذلك حذف الجار { وبأيمانهم } أي{[62454]} وتلتصق بتلك الجهة لأن هاتين الجهتين أشرف جهاتهم ، وهم إما من السابقين ، وإما من أهل اليمين ، ويعطون صحائفهم من هاتين الجهتين ، والشقي بخلاف ذلك لا نور له ويعطى صحيفته بشماله ومن وراء ظهره ، فالأول نور الإيمان والمعرفة والأعمال المقولة ، والثاني نور الإنفاق لأنه بالإيمان{[62455]} - نبه{[62456]} - عليه الرازي .

ولما ذكر نفوذهم فيما يحبون من الجهات وتيسيره لهم ، أتبعه ما يقال لهم من المحبوب في سلوكهم لذلك المحبوب فقال : { بشراكم اليوم } أي بشارتكم العظيمة في جميع ما يستقبلكم من الزمان .

ولما تشوفوا لذلك أخبروا بالمبشر به بقوله مخبراً إشارة إلى أن المخبر به يحسد من البشرى لكونه معدن السرور { جنات } أي كائنة لكم تتصرفون فيها أعظم تصرف ، والخبر في الأصل دخول ، ولكنه عدل عنه لما ذكر من المبالغة ثم وصفها بما لا تكمل اللذة إلا به فقال ؛ { تجري } وأفهم القرب بإثبات الجارّ فقال : { من تحتها الأنهار } ولما كان ذلك لا يتم مع خوف الانقطاع قال : { خالدين فيها } خلوداً لا آخر له لأن الله أورثكم ذلك ما لا يورث عنكم كما كان حكام الدنيا لأن الجنة لا موت فيها . ولما كان هذا أمراً سارّاً{[62457]} في ذلك المقام الضنك{[62458]} محباً بأمر استأنف مدحه بقوله : { ذلك } أي هذا الأمر العظيم جداً { هو } أي وحده { الفوز العظيم * } أي الذي ملأ بعظمته جميع الجهات من ذواتكم وأبدانكم ونفوسكم وأرواحكم .


[62449]:- زيد من ظ.
[62450]:-زيد من ظ.
[62451]:- من ظ، وفي الأصل: فيأخذونه.
[62452]:- من ظ، وفي الأصل: فيتركونه.
[62453]:- من ظ، وفي الأصل: يمثل.
[62454]:- زيد من ظ.
[62455]:- من ظ، وفي الأصل: للإيمان.
[62456]:- زيد من ظ.
[62457]:- من ظ، وفي الأصل: أشار.
[62458]:- من ظ، وفي الأصل: بالصنك.
 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَرَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَسۡعَىٰ نُورُهُم بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۖ بُشۡرَىٰكُمُ ٱلۡيَوۡمَ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (12)

{ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمْ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( 12 ) }

يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم على الصراط بين أيديهم وعن أيمانهم ، بقدر أعمالهم ، ويقال لهم : بشراكم اليوم دخول جنات واسعة تجري من تحت أشجارها الأنهار ، لا تخرجون منها أبدًا ، ذلك الجزاء هو الفوز العظيم لكم في الآخرة .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَرَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَسۡعَىٰ نُورُهُم بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۖ بُشۡرَىٰكُمُ ٱلۡيَوۡمَ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (12)

قوله تعالى : { يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم 12 يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا ورآءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب 13 ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور 14 فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير } .

ذلك إخبار من الله عن أحوال الناس يوم القيامة وما يكابدونه حينئذ من صنوف الأهوال والأفزاع والبلايا . ويكتب الله النجاة والسلامة يومئذ للمؤمنين ليسلكوا سبيلهم إلى الجنة آمنين سعداء . ثم يبقى المنافقون الخاسرون في ظلمات الحشر يكابدون الشدة والخوف والحر والظمأ واليأس – نجّانا الله من ذلك .

وفي هذا يقول سبحانه : { يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم } يوم ، منصوب على أنه ظرف . أو منصوب بإضمار الفعل ( اذكر ) تعظيما لذلك اليوم . وفي هذه الآية يخبر الله عن المؤمنين الصادقين أنهم يوم القيامة { يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم } أي يمضي نورهم أمامهم وبأيمانهم .

وذلك على قدر أعمالهم فيمرون به على الصراط . وقيل : ليس من أحد إلا ويعطي نورا يوم القيامة فإذا انتهوا إلى الصراط انطفأ نور المنافقين فأشفق المؤمنون أن ينطفئ نورهم كما انطفأ نور المنافقين فقالوا : ربنا أتمم لنا نورنا . وقوله : { بين أيديهم وبأيمانهم } لأن السعداء يؤتون صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين كما أن الأشقياء يؤتونها من شمائلهم ووراء ظهورهم فجعل النور في الجهتين شعارا لهم وعلامة .

قوله : { بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم } يقال يومئذ { بشراكم } أي لكم البشارة بجنات { تجري من تحتها الأنهار } لابثين ما كثين فيها أبدا لا تبرحون ولا تتحولون { ذلك هو الفوز العظيم } إنه الفوز الأكبر والسعادة الكبرى التي لا يعدلها فوز ولا سعادة .