النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَوۡمَ تَرَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَسۡعَىٰ نُورُهُم بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۖ بُشۡرَىٰكُمُ ٱلۡيَوۡمَ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (12)

{ يَوْمَ تَرَى المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم } وفي نورهم ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه ضياء يعطيهم الله إياه ثواباً وتكرمة ، وهذا معنى قول قتادة .

الثاني : أنه هداهم الذي قضاه لهم ، قاله الضحاك .

الثالث : أنه نور أعمالهم وطاعتهم .

قال ابن مسعود : ونورهم على قدر أعمالهم يمرون على الصراط منهم مَن نوره مثل النخلة ، [ ومنهم من يؤتى نوره{[2906]} كالرجل القائم ] وأدناهم نوراً مَن نوره على إبهام رجله يوقد تارة ويطفأ أخرى .

وقال الضحاك : ليس أحد يعطى يوم القيامة نوراً ، فإذا انتهوا إلى الصراط أطفىء نور المنافقين ، فلما رأى ذلك المؤمنون أشفقوا أن ينطفىء نورهم كما طفىء نور المنافقين ، فقالوا : { رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا } .

وفي قوله : { بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } وجهان :

أحدهما : ليستضيئوا به على الصراط ، قاله الحسن .

والثاني : ليكون لهم دليلاً إلى الجنة ، قاله مقاتل .

وفي قوله : { بِأَيْمَانَهِم{[2907]} } في الصدقات والزكوات وسبل الخير .

الرابع : بإيمانهم{[2908]} في الدنيا وتصديقهم بالجزاء ، قاله مقاتل .

قوله تعالى { بُشْرَاكُمُ اليَوْمَ جَنَّاتٌ } فيه وجهان :

أحدهما : أن نورهم هو بشراهم بالجنات .

الثاني : هي بشرى من الملائكة يتلقونهم بها في القيامة ، قاله الضحاك .


[2906]:هذه الزيادة وردت في هذا الخبر عن ابن مسعود، وقد نقلناها من تفسير القرطبي 17/ 422.
[2907]:في الأصل سقوط هنا والمراد أنهم كانوا يتصدقون بأيديهم اليمنى أما القولان الثاني والثالث فقد سقطا وقال الطبري: وفي إيمانهم كتب أعمالهم.
[2908]:هذا على قراءة سهل بن سعد الساعدي وأبي حيوة بكسر الألف في "إيمانهم".