في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلرَّحۡمَٰنِۖ لَا يَمۡلِكُونَ مِنۡهُ خِطَابٗا} (37)

وتكملة لمشاهد اليوم الذي الذي يتم فيه ذلك كله ، والذي يتساءل عنه المتسائلون ، ويختلف فيه المختلفون . يجيء المشهد الختامي في السورة ، حيث يقف جبريل " عليه السلام " والملائكة صفا بين يدي الرحمن خاشعين . لا يتكلمون - إلا من أذن له الرحمن - في الموقف المهيب الجليل :

( رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا . يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ) . .

ذلك الجزاء الذي فصله في المقطع السابق : جزاء الطغاة وجزاء التقاة . هذا الجزاء ( من ربك ) . . ( رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن ) . . فهي المناسبة المهيأة لهذه اللمسة ولهذه الحقيقة الكبيرة . حقيقة الربوبية الواحدة التي تشمل الإنسان . كما تشمل السماوات والأرض ، وتشمل الدنيا والآخرة ، وتجازي على الطغيان والتقوى ، وتنتهي إليها الآخرة والأولى . . ثم هو( الرحمن ) . . ومن رحمته ذلك الجزاء لهؤلاء وهؤلاء . حتى عذاب الطغاة ينبثق من رحمة الرحمن . ومن الرحمة أن يجد الشر جزاءه وألا يتساوى مع الخير في مصيره !

ومع الرحمة والجلال : ( لا يملكون منه خطابا ) . . في ذلك اليوم المهيب الرهيب :

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلرَّحۡمَٰنِۖ لَا يَمۡلِكُونَ مِنۡهُ خِطَابٗا} (37)

خطابا : مخاطبة .

فالله الّذي رضي عنهم هو ربُّ السموات والأرض الذي وسِعت رحمتُه كلَّ شيء ولا يملك أحد مخاطبتَه تعالى بالشفاعة إلا بإذنِه .

قراءات :

قرأ أبو عمرو : ربُّ السموات والأرض الرحمن ، برفع رب والرحمن ، والباقون بالكسر . وقرأ عاصم وابن عامر ويعقوب : الرحمن بالجر . وقرأ حمزة والكسائي بجر رب السموات ، ورفع الرحمن .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلرَّحۡمَٰنِۖ لَا يَمۡلِكُونَ مِنۡهُ خِطَابٗا} (37)

{ 37 - 40 } { رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا * يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا * ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا * إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا }

أي : الذي أعطاهم هذه العطايا هو ربهم { رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } الذي خلقها ودبرها { الرَّحْمَنِ } الذي رحمته وسعت كل شيء ، فرباهم ورحمهم ، ولطف بهم ، حتى أدركوا ما أدركوا .

ثم ذكر عظمته وملكه العظيم يوم القيامة ، وأن جميع الخلق كلهم ذلك اليوم ساكتون لا يتكلمون و { لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا } إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ،

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلرَّحۡمَٰنِۖ لَا يَمۡلِكُونَ مِنۡهُ خِطَابٗا} (37)

{ رب السموات } بالرفع مبتدأ أو خبر ابتداء مضمر وبالخفض صفة لربك ، والرحمن بالخفض صفة وبالرفع خبر المبتدأ أو خبر ابتداء مضمر .

{ لا يملكون منه خطابا } قال ابن عطية : الضمير للكفار أي : لا يملكون أن يخاطبوه بمقدرة ولا غيرها ، وقيل : المعنى لا يقدرون أن يخاطبهم كقوله : { ولا يكلمهم الله } [ البقرة : 174 ] وقال الزمخشري الضمير لجميع الخلق أي : ليس بأيديهم شيء من خطاب الله .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلرَّحۡمَٰنِۖ لَا يَمۡلِكُونَ مِنۡهُ خِطَابٗا} (37)

ولما ذكر سبحانه سعة فضله ، وصف نفسه الأقدس بما يدل على عظمته زيادة في شرف المخاطب صلى الله عليه وسلم لأن عظمة العبد على حسب عظمة السيد ، فقال مبدلاً على قراءة الجماعة وقاطعاً بالرفع على المدح عند الحجازيين وأبي عمرو : { رب السماوات والأرض } أي مبدعهما ومدبرهما ومالكهما { وما بينهما } ملكاً وملكاً . ولما شمل{[71236]} ذلك العرش وما دونه{[71237]} ، علله بقوله : { الرحمن } أي الذي له الإنعام العام الذي أدناه الإيجاد ، وليس ذلك لأحد غيره ، فإن الكل داخل في ملكه وملكه ، ولذلك قال دالاً على الجبروت بعد صفة الرحمة : { لا يملكون } أي أهل السماوات والأرض ومن بين ذلك أصلاً دائماً في وقت من الأوقات في الدنيا ولا في الآخرة لا في يوم بعينه : { منه } أي العام النعمة خاصة { خطاباً * } أي أن يخاطبوه أو يخاطبوا غيره بكلمة فما فوقها في أمرهم في غاية الاهتمام به بما أفاده التعبير بالخطاب ، فكيف بما دونه{[71238]} وإذا لم يملكوا ذلك منه فممن والكل في ملكه وملكه ؟ وعدم ملكهم لأن يخاطبهم مفهوم موافقة ، والحاصل أنهم لا يقدرون على خطاب ما من ذوات أنفسهم كما هو شأن المالك . وأما غيره فقد يملكون أن يكرهوه{[71239]} على خطابهم وأن يخاطبوه بغير إذن من ذلك الغير-{[71240]} ولا رضى وبغير تمليك منه لهم لأنه لا ملك له ، وإذا كان هذا في{[71241]} الخطاب فما ظنك بمن يدعي الوصال بالاتحاد{[71242]} - عليهم اللعنة ولهم سوء المآب ، ما أجرأهم على الاتحاد ! وقال الأستاذ أبو القاسم القشيري : كيف يكون للمكون المخلوق والفقير المسكين مكنة تملك منه خطاباً {[71243]}أو تتنفس نفساً{[71244]} كلا بل هو الله الواحد{[71245]} الجبار .


[71236]:زيد في الأصل: من، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[71237]:من ظ و م، وفي الأصل: دونهما.
[71238]:من ظ و م، وفي الأصل: دونهم.
[71239]:من ظ و م، وفي الأصل: يكون.
[71240]:زيد من م.
[71241]:من ظ و م، وفي الأصل: من.
[71242]:من ظ و م، وفي الأصل: باتحاد.
[71243]:من ظ و م، وفي الأصل: تنفس تنفسا.
[71244]:من ظ و م، وفي الأصل: تنفس تنفسا.
[71245]:من ظ و م، وفي الأصل: الأحد.