في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّهُم بِهِمۡ يَوۡمَئِذٖ لَّخَبِيرُۢ} (11)

ويختم هذه الحركات الثائرة باستقرار ينتهي إليه كل شيء ، وكل أمر ، وكل مصير :

فالمرجع إلى ربهم . وإنه لخبير بهم( يومئذ )وبأحوالهم وأسرارهم . . والله خبير بهم في كل وقت وفي كل حال . ولكن لهذه الخبرة( يومئذ )آثار هي التي تثير انتباههم لها في هذا المقام . . . إنها خبرة وراءها عاقبة . خبرة وراءها حساب وجزاء . وهذا المعنى الضمني هو الذي يلوح به في هذا المقام !

ختام السورة:

إن السورة مشوار واحد لاهث صاخب ثائر . . حتى ينتهي إلى هذا القرار . . معنى ولفظا وإيقاعا ، على طريقة القرآن !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّهُم بِهِمۡ يَوۡمَئِذٖ لَّخَبِيرُۢ} (11)

بأن الله يعلم ما يُسِرّون وما يُعلنون ، لا تخفى عليه منهم خافية ؟ إن المرجعَ إلى الله . . وهو خبيرٌ بالأعمالِ والأسرار .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّهُم بِهِمۡ يَوۡمَئِذٖ لَّخَبِيرُۢ} (11)

{ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ } أي مطلع على أعمالهم الظاهرة والباطنة ، الخفية والجلية ، ومجازيهم عليها . وخص خبره{[1471]}  بذلك اليوم ، مع أنه خبير بهم في كل وقت ؛ لأن المراد بذلك الجزاء بالأعمال{[1472]}  الناشئ عن علم الله واطلاعه .


[1471]:- في ب: خبرهم.
[1472]:- في ب: المراد بهذا الجزاء على الأعمال.
 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّهُم بِهِمۡ يَوۡمَئِذٖ لَّخَبِيرُۢ} (11)

{ إن ربهم بهم يومئذ لخبير } أي عالم لا يخفى عليه منهم خافية . وهو عالم بهم في ذلك اليوم وفي غيره ، ولكن المعنى أنه يجازيهم في ذلك اليوم . وقوله : { إذا بعثر } العامل في " إذا " : " بعثر " ، ولا يعمل فيه " يعلم " ؛ إذ لا يراد به العلم من الإنسان ذلك الوقت ، إنما يراد في الدنيا . ولا يعمل فيه " خبير " ؛ لأن ما بعد " إن " لا يعمل فيما قبلها . والعامل في " يومئذ " : " خبير " ، وإن فصلت اللام بينهما ؛ لأن موضع اللام الابتداء . وإنما دخلت في الخبر لدخول " إن " على المبتدأ . ويروى أن الحجاج قرأ هذه السورة على المنبر يحضهم على الغزو ، فجرى على لسانه : " أن ربهم " بفتح الألف ، ثم استدركها فقال : " خبير " بغير لام . ولولا اللام لكانت مفتوحة ، لوقوع العلم عليها . وقرأ أبو السمال : " أن ربهم بهم يومئذ خبير " . والله سبحانه . وتعالى أعلم .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّهُم بِهِمۡ يَوۡمَئِذٖ لَّخَبِيرُۢ} (11)

{ إن ربهم بهم يومئذ لخبير } الضمير في ربهم وبهم يعود على الإنسان ؛ لأنه يراد به الجنس ، وفي هذه الجملة وجهان :

أحدهما : أن هذه الجملة معمول { أفلا يعلم } فكان الأصل أن تفتح إن ، ولكنها كسرت من أجل اللام التي في خبرها .

والثاني : أن تكون هذه الجملة مستأنفة ، ويكون معمول { أفلا يعلم } محذوفا ويكون الفاعل ضميرا يعود على الإنسان ، والتقدير { أفلا يعلم الإنسان } حاله ، وما يكون منه { إذا بعثر ما في القبور } وهذا هو الذي قاله ابن عطية ، ويحتمل عندي أن يكون فاعل { أفلا يعلم } ضميرا يعود على الله ، والمفعول محذوف ، والتقدير { أفلا يعلم } الله أعمال الإنسان إذا بعثر ما في القبور ثم استأنف قوله : { إن ربهم بهم يومئذ لخبير } ، على وجه التأكيد ، أو البيان للمعنى المتقدم ، والعامل في { إذا بعثر } على هذا الوجه هو أفلا يعلم ، والعامل فيه على مقتضى قول ابن عطية هو المفعول المحذوف ، و{ إذا } هنا ظرفية بمعنى حين ووقت ، وليست بشرطية ، والعامل في { يومئذ } خبير ، وإنما خص ذلك بيوم القيامة ؛ لأنه يوم الجزاء بقصد التهديد ، مع أن الله خبير على الإطلاق .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّهُم بِهِمۡ يَوۡمَئِذٖ لَّخَبِيرُۢ} (11)

ولما كان علم ما في الصدور أمراً باهراً للعقل ، قال جامعاً نظراً إلى المعنى لما عبر عنه بالإفراد بالنظر إلى اللفظ ؛ لأن العلم بالكل يلازمه العلم بالبعض بخلاف العكس ، مؤكداً إشارة إلى أنه مما لا يكاد يصدق ، معللاً للجملة المحذوفة الدالة على الحساب : { إن ربهم } أي المحسن إليهم بخلقهم ورزقهم وتربيتهم وجعلهم أقوياء سويين { بهم } قدم هذا الجار والمجرور لا للاختصاص ، بل للاشارة إلى نهاية الخبر . ولما كانت الخبرة للإحاطة بالشيء ظاهراً وباطناً ، وكان يلزم من الخبرة بالشيء بعد كونه بمدد طوال الخبرة به حال كونه من باب الأولى قال : { يومئذ } أي إذ كانت هذه الأمور وهو يوم القيامة { لخبير * } أي محيط بهم من جميع الجهات ، عالم غاية العلم ببواطن أمورهم ، فكيف بظواهرها جواهر وأعراضاً ، أقوالاً وأفعالاً ، خفية كانت أو ظاهرة ، سراً كانت أو علانية ، خيراً كانت أو شراً ، ومن المعلوم أن فيها الظلم وغيره ، ومنهم المحسن وغيره ، فلأجل علمه سبحانه بذلك غاية العلم يحاسبهم لئلا يقع ما ينافي الحكمة ، وهو أن تستوي الحسنة والسيئة ، فالقصد بالقيد وتقديم الظرف الإبلاغ في التعريف بأنه سبحانه وتعالى محيط العلم بذلك كما إذا قيل لك : تعرف فلاناً ؟ فقلت : ولا أعرف إلا هو ، فإن قصدك بذلك أن معرفتك به في غاية الإتقان ، لا نفي معرفة غيره ، وفيه إشعار بأن كل أحد يعرف غاية المعرفة في ذلك اليوم أنه سبحانه وتعالى عالم بأحواله ، لا ذهول له عن شيء من ذلك ، كما يقع في هذه الدار من أن الإنسان يعمل أشياء كثيرة وهو غافل عن أن ربه سبحانه مطلع عليه فيها ، ولو نبه لعلم ، فلإحاطته سبحانه وتعالى بجميع أحوالهم كان عالماً بأن الإنسان لربه لكنود ، وقد رجع آخرها إلى أولها ، وتكفل مفصلها بشرح مجملها ، والله الهادي للصواب .