اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّ رَبَّهُم بِهِمۡ يَوۡمَئِذٖ لَّخَبِيرُۢ} (11)

قوله : { إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ } . العامة على كسر الهمزة لوجود اللام في خبرها ، والظاهر أنها معلقة ل «يَعْلَمُ » فهي في محل نصب ، ولكن لا يعمل في «إذا » خبرها لما تقدم ، بل يقدر له عامل من معناه كما تقدم . ويدل على أنها معلقة للعلم ، ولا مستأنفة . وقراءة أبي السمال{[60737]} وغيره : «أنَّ ربَّهم بهم يومئذٍ خبير » ، بالفتح وإسقاط اللام ، فإنها في هذه القراءة سادة مسد مفعولها .

ويحكى عن الحجاج - الخبيث الروح - أنه لما فتح همزة «أن » استدرك على نفسه ، وتعمد سقوط اللام ، وهذا إن صح كفر ، ولا يقال : إنها قراءة ثابتة ، كما نقل عن أبي السمَّال فلا يكفر ؛ لأنه لو قرأها كذلك ناقلاً لها لم يمنع منه ، ولكنه أسقط اللام عمداً إصلاحاً للسانه ، واجتمعت الأمة على أن من زاد حرفاً ، أو نقص حرفاً في القرآن عمداً فهو كافر .

قال شهاب الدين{[60738]} : وإنما قلت ذلك لأني رأيت أبا حيَّان قال{[60739]} : وقرأ أبو السمال والحجاج ، ولا يحفظ عن الحجاج إلا هذا الأثر السوء ، والناس ينقلونه عنه كذلك ، وهو أقل من أن ينقل عنه .

«ربهم ، ويومئذ » متعلقان بالخبر ، واللام غير مانعة من ذلك ، وقدما لأجل الفاصلة ، ومعنى «خَبِيرٌ » أي : عالم لا يخفى عليه منهم خافية ، وهو عالم بهم في ذلك اليوم ، وفي غيره ، ولكن المعنى : أنه يجازيهم في ذلك اليوم .

ختام السورة:

روى الثعلبي عن أبيّ - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَرَأ سُورةَ { والعاديات } أعطيَ مِنَ الأجْرِ عَشْرَ حسَناتٍ بعددِ مَنْ بَاتَ بالمُزدلفةِ ، وشَهِدَ جَمْعاً »{[1]} ، والله أعلم ، وهو حسبي .


[1]:في النسختين تقدم. وندم تصحيح من الرازي. وانظر تصحيح ذلك وغيره في تفسير الإمام 28/117.
[60737]:ينظر الكشاف 4/789، والبحر المحيط 8/502، والدر المصون 6/561.
[60738]:الدر المصون 6/561-562.
[60739]:ينظر البحر المحيط 8/502.