في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَسۡمَعُ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٖ} (8)

هذا الأفاك الأثيم . آية إفكه وعلامة إثمه ، أنه يصر على الباطل ويستكبر على الحق ويتعالى عن الخضوع لآيات الله ، ولا يتأدب بالأدب اللائق مع الله :

( يسمع آيات الله تتلى عليه ، ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها ) . .

وهذه الصورة البغيضة ولو أنها صورة فريق من المشركين في مكة ، إلا أنها تتكرر في كل جاهلية ، وتتكرر اليوم وغداً . فكم في الأرض ، وبين من يقال إنهم مسلمون ، من يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها ؛ لأنها لا توافق هواه ، ولا تسير مع مألوفه ، ولا تعاونه على باطله ، ولا تقره على شره ، ولا تتمشى له مع اتجاه !

( فبشره بعذاب أليم ) . .

والبشارة للخير . فهي هنا للسخرية . فإذا كان لا يسمع النذير ، فليأته الويل المنظور ، في صوت البشير ! زيادة في السخرية والتحقير !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَسۡمَعُ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٖ} (8)

فبشّره بعذاب : جاء التعبير بالتبشير للاستهزاء به ، لأن العذاب لا يبشَّر به .

يسمع هذا المفتري آياتِ الله تُقرأ عليه ثم يبقى مصرّاً على كفره مستكبرا كأنْ لم يسمعها ، فبشّره أيها الرسولُ بأشدّ العذاب .

وفي قوله تعالى { فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } تهكم واحتقار لهؤلاء المكذبين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَسۡمَعُ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٖ} (8)

وقسم يسمع آيات الله سماعا تقوم به الحجة عليه ثم يعرض عنها ويستكبر ، كأنه ما سمعها ؛ لأنها لم تزك قلبه ولا طهرته بل بسبب استكباره عنها ازداد طغيانه .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَسۡمَعُ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٖ} (8)

{ يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر } يقيم على كفره { مستكبرا } متعظما عن الإيمان به

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَسۡمَعُ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٖ} (8)

" يسمع آيات الله تتلى عليه " يعني آيات القرآن . " ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها " أي يتمادى على كفره متعظما في نفسه عن الانقياد ، مأخوذ من صر الصرة إذا شدها . قال معناه ابن عباس وغيره . وقيل : أصله من إصرار الحمار على العانة{[13773]} وهو أن ينحني عليها صارا أذنيه . و " أن " من " كان " مخففة من الثقيلة ، كأنه لم يسمعها ، والضمير ضمير الشأن ، كما في قوله :

كأن ظبية تَعْطُو إلى ناضر السَّلَمِ{[13774]}

ومحل الجملة النصب ، أي يصر مثل غير السامع . وقد تقدم في أول " لقمان " القول في هذه الآية{[13775]} . وتقدم معنى " فبشره بعذاب أليم " في " البقرة " {[13776]} .


[13773]:العانة: الأتان (الحمارة).
[13774]:ويروى: على وارق السلم. وهذا عجز بيت لابن صريم اليشكري. وصدره كما في كتاب سيبويه والمقاصد النحوية: * ويوما توافينا بوجه مقسم* والمقسم: المحسن. و"تعطو": تتناول. و" السلم": شجر بعينه. وصف امرأة حسنة الوجه فشبهها بظبية مخصبة المرعى.
[13775]:راجع ج 14 ص 57.
[13776]:راجع ج 1 ص 198 و 238 طبعة ثانية أو ثالثة.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَسۡمَعُ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٖ} (8)

: { يسمع آيات الله } أي دلالات الملك الأعظم الظاهرة حال كونها { تتلى{[57915]} } أي يواصل {[57916]}استماعه لها{[57917]} بلسان القال أو الحال من أيّ تال كان ، عالية { عليه } بجميع ما فيها من سهولة فهمها وعذوبة ألفاظها وظهور معانيها وجلالة مقاصدها مع الإعجاز ، فكيف إذا كان التالي أشرف الخلق .

ولما كانت تلاوتها موجبة لإقلاعه فكان{[57918]} إصراره مع بعد رتبته في الشناعة{[57919]} مستبعداً كونه قال : { ثم يصر } أي يدوم دواماً عظيماً على قبيح ما هو فيه حال كونه { مستكبراً } أي طالباً الكبر عن الإذعان وموجداً له . ولما كان مع ما ذكر من حاله يجوز أن يكون سماعه لها{[57920]} ، خفف من{[57921]} مبالغته في الكفر ، بين أنها لم تؤثر فيه نوعاً من التأثير ، فكان قلبه أشد قسوة من الحجر فقال-{[57922]} : { كأن } أي كأنه { لم يسمعها } فعلم من ذلك ومن الإصرار وما قيد به من الاستكبار أن حاله عند السماع وقبله وبعده على حد سواء ، وقد علم بهذا الوصف أن كل-{[57923]} من لم ترده آيات الله تعالى كان مبالغاً في الإثم والإفك ، فكان له الويل .

ولما كان الإصرار معناه الدوام المتحكم ، لم يذكر الوقر الذي هو من الأمراض الثابتة كما ذكره في سورة لقمان ، قال ابن القطاع{[57924]} وابن ظريف في أفعالهما ، أصر على الذنب والمكروه : أقام ، وقال عبد-{[57925]} الغافر الفارسي في المجمع : أصررت على الشيء أي أقمت ودمت عليه{[57926]} ، وقال ابن فارس{[57927]} في المجمل : والإصرار : العزم على الشيء والثبات عليه{[57928]} ، وقال أبو{[57929]} عبد الله القزاز في ديوانه ونقله عنه عبد الحق في واعيه : وأصل الصر الإمساك ، ومنه يقال : أصر فلان{[57930]} على كذا ، أي أقام عليه وأمسكه في نفسه [ وعقده لأنه قد يقول ما ليس في نفسه-{[57931]} ] وما لا يعتقده ، والرجل مصر على الذنب أي ممسك له معتقد عليه ، ثم قال : من الإصرار عليه وهو العزم على أن لا يقلع عنه ، وقال الأصفهاني{[57932]} تبعاً لصاحب الكشاف : وأصله من أصر الحمار على العانة{[57933]} ، وهو أن ينحني عليها صاراً أذنيه .

ولما أخبر عن ثباته على الخبث ، سببب عنه تهديده في أسلوب دال - بما فيه من التهكم - على شدة الغضب وعلى أنه إن كان له بشارة فهي العذاب فلا بشارة له أصلاً فقال{[57934]} تعالى : { فبشره } أي على هذا الفعل الخبيث { بعذاب }{[57935]} لا يدع له عذوبة أصلاً { أليم * } أي بليغ الإيلام .


[57915]:زيد في الأصل: عليه، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[57916]:من ظ و م ومد،وفي الأصل: استماعها.
[57917]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: استماعها.
[57918]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: مكان.
[57919]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: الساعة.
[57920]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: له.
[57921]:من ظ و م ومد،وفي الأصل: عن.
[57922]:زيد من م ومد.
[57923]:زيد من م ومد.
[57924]:راجع كتاب الأفعال2/251.
[57925]:زيد من م ومد.
[57926]:سقط من ظ و م ومد.
[57927]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: فارسي.
[57928]:سقط من ظ و م ومد.
[57929]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: ابن.
[57930]:زيد في الأصل: أي أمسك، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[57931]:زيد من م ومد.
[57932]:من ظ ومد، وفي الأصل و م: الأصبهاني.
[57933]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: الصافة-كذا.
[57934]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: ولذلك قال.
[57935]:وقع في مد بياض من هنا إلى "جهنم أي تأخذهم" قدر صفحة مطبوعة وبضعة أسطر.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{يَسۡمَعُ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٖ} (8)

{ يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم }

{ يسمع آيات الله } القرآن { تتلى عليه ثم يصر } على كفره { مستكبراً } متكبراً عن الإيمان { كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم } مؤلم .