فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَسۡمَعُ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٖ} (8)

ثم وصف هذا الأفاك بصفة أخرى فقال { يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ( 8 ) } .

{ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ } أي القرآن { تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ } على كفره ، ويقيم على ما كان عليه ، حال كونه .

{ مُسْتَكْبِرًا } أي متماديا على كفره ، متكبرا على الإيمان ، ومتعظما في نفسه عن الانقياد للحق . والإصرار مأخوذ من إصرار الحمار على العانة ، وهو أن ينحني عليها ، صارا أذنيه ، وثم للتراخي الرتبي عند العقل ، أي إصراره على الكفر بعد ما قررت له الأدلة المذكورة وسمعها ، مستبعد في العقول . قال مقاتل : إذا سمع من آيات القرآن شيئا اتخذها هزوا ، وجملة { كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا } في محل نصب على الحال ، أو مستأنفة ، وأن هي المخففة من الثقيلة واسمها ضمير شأن محذوف .

{ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } هذا من باب التهكم ، أي فبشره على إصراره واستكباره وعدم استماعه إلى الآيات بعذاب شديد الألم . قيل : نزلت في النضر بن الحارث ، وما كان يشتري من أحاديث العجم ، ويشغل بها الناس عن استماع القرآن ، والآية عامة في كل من كان مضادا لدين الله .