في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ أَنَّهُمۡ إِلَيۡهِمۡ لَا يَرۡجِعُونَ} (31)

30

( ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون ) . .

ولقد كان في هلاك الأولين الذاهبين لا يرجعون ، على مدار السنين وتطاول القرون . . لقد كان في هذا عظة لمن يتدبر . ولكن العباد البائسين لا يتدبرون . وهم صائرون إلى ذات المصير . فأية حالة تدعو إلى الحسرة كهذا الحال الأسيف ? !

إن الحيوان ليرجف حين يرى مصرع أخيه أمامه ؛ ويحاول أن يتوقاه قدر ما يستطيع . فما بال الإنسان يرى المصارع تلو المصارع ، ثم يسير مندفعاً في ذات الطريق ? والغرور يملي له ويخدعه عن رؤية المصير المطروق ! وهذا الخط الطويل من مصارع القرون معروض على الأنظار ولكن العباد كأنهم عمي لا يبصرون !

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ أَنَّهُمۡ إِلَيۡهِمۡ لَا يَرۡجِعُونَ} (31)

قوله تعالى : " ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون " قال سيبويه : " أن " بدل من " كم " ، ومعنى كم ها هنا الخبر ؛ فلذلك جاز أن يبدل منها ما ليس باستفهام . والمعنى : ألم يروا أن القرون الذين أهلكناهم أنهم إليهم لا يرجعون . وقال الفراء : " كم " في موضع نصب من وجهين : أحدهما ب " يروا " واستشهد على هذا بأنه في قراءة ابن مسعود " ألم يروا من أهلكنا " . والوجه الآخر أن يكون " كم " في موضع نصب ب " أهلكنا " . قال النحاس : القول الأول محال ؛ لأن " كم " لا يعمل فيها ما قبلها ؛ لأنها استفهام ، ومحال أن يدخل الاستفهام في خبر ما قبله . وكذا حكمها إذا كانت خبرا ، وإن كان سيبويه قد أومأ إلى بعض هذا فجعل " أنهم " بدلا من كم . وقد رد ذلك محمد بن يزيد أشد رد ، وقال : " كم " في موضع نصب ب " أهلكنا " و " أنهم " قي موضع نصب ، والمعنى عنده بأنهم أي : " ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون " بالاستئصال . قال : والدليل على هذا أنها في قراءة عبد الله : " من أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون " . وقرأ الحسن : " إنهم إليهم لا يرجعون " بكسر الهمزة على الاستئناف . وهذه الآية رد على من زعم أن من الخلق من يرجع قبل القيامة بعد الموت .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ أَنَّهُمۡ إِلَيۡهِمۡ لَا يَرۡجِعُونَ} (31)

قوله : { أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ } { كمْ } ههنا خبرية ، فهي مفعول به للفعل { أَهْلَكْنَا } . والتقدير : كثيرا من القرون أهلكنا . وقوله : { أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ } بدل من قوله : { كَمْ أَهْلَكْنَا } {[3899]}

والمعنى : ألم ير هؤلاء المشركون كثرة إهلاكنا القرون من قبلهم كونهم غير راجعين إليهم . فقد زعم كثير من جهلة العرب المشركين أنهم راجعون إلى الدنيا . فردَّ الله مقالتهم وافتراءهم بهذه الآية ليبين لهم أنهم ليس لهم أيما كرَّةٍ أو رجعة إلى هذه الدنيا ، وإنما هم راجعون إلى الله يوم القيامة حيث الحساب والجزاء .


[3899]:الدر المصون ج 9 ص 260