فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ أَنَّهُمۡ إِلَيۡهِمۡ لَا يَرۡجِعُونَ} (31)

ثم عجب سبحانه من حالهم حيث لم يعتبروا بأمثالهم من الأمم الخالية ، فقال : { أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّنَ القرون } أي ألم يعلموا كثرة من أهلكنا قبلهم من القرون التي أهلكناها من الأمم الخالية ، وجملة { أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ } بدل من كم أهلكنا على المعنى . قال سيبويه : أنّ بدل من كم ، وهي : الخبرية ، فلذلك جاز أن يبدل منها ما ليس باستفهام ، والمعنى : ألم يروا أن القرون الذين أهلكناهم أنهم إليهم لا يرجعون . وقال الفراء : { كم } في موضع نصب من وجهين : أحدهما : ب{ يروا } ، واستشهد على هذا بأنه في قراءة ابن مسعود " ألم يروا من أهلكنا " ، والوجه الآخر : أن تكون { كم } في موضع نصب ب{ أهلكنا } . قال النحاس : القول الأوّل محال ، لأن كم لا يعمل فيها ما قبلها ؛ لأنها استفهام ، ومحال أن يدخل الاستفهام في حيز ما قبله ، وكذا حكمها إذا كانت خبراً ، وإن كان سيبويه قد أومأ إلى بعض هذا ، فجعل أنهم بدلاً من كم ، وقد ردّ ذلك المبرد أشدّ ردّ { وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } .

/خ40