فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ أَنَّهُمۡ إِلَيۡهِمۡ لَا يَرۡجِعُونَ} (31)

ثم عجب سبحانه من حالهم حيث لم يعتبروا بأمثالهم من الأمم الخالية فقال : { أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا } أي :ألم يعلموا كثرة من أهلكنا { قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ } :التي أهلكناها من الأمم الخالية ، والاستفهام للتقرير على حد قوله : { ألم نشرح لك صدرك } .

{ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ } بدل من أهلكنا على المعنى ، قال سيبويه : إنه بدل من كم وهي الخبرية ، فلذلك جاز أن يبدل منها ما ليس باستفهام ، والمعنى : ألم يروا أن القرون الذين أهلكناهم أنهم إليهم لا يرجعون .

وقال الفراء : كم في موضع نصب من وجهين أحدهما ب { يروا } والوجه الآخر { بأهلكنا } قال النحاس : القول الأول محال ؛لأن كم لا يعمل فيها ما قبلها لأنها استفهام ومحال أن يدخل الاستفهام في حيز ما قبله ، وكذا حكمها إذا كانت خبرا ، وإن كان سيبويه قد أومأ إلى بعض هذا فجعل أنهم بدلا من كم ، وقد رد ذلك المبرد أشد رد ،