في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ أَرُونِيَ ٱلَّذِينَ أَلۡحَقۡتُم بِهِۦ شُرَكَآءَۖ كَلَّاۚ بَلۡ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (27)

22

ثم يأتي الإيقاع الأخير ، شبيهاً بالإيقاع الأول في التحدي عن الشركاء المزعومين :

( قل : أروني الذين ألحقتم به شركاء . كلا . بل هو الله العزيز الحكيم ) . .

وفي السؤال استنكار واستخفاف : ( أروني الذين ألحقتم به شركاء ) . . أروني إياهم من هم ? وما هم ? وما قيمتهم ? وما صفتهم ? وما مكانهم ? وبأي شيء استحقوا منكم هذه الدعوى ? . . وكلها تشي بالاستنكار والاستخفاف .

ثم الإنكار في ردع وتأنيب : ( كلا ) . . فما هم بشركاء . وما له سبحانه من شركاء .

( بل هو الله العزيز الحكيم ) . .

ومن هذه صفاته لا يكون هؤلاء شركاء له . ولا يكون له على الإطلاق شريك . .

بهذا ينتهي ذلك الشوط القصير ، وتلك الإيقاعات العنيفة العميقة . في هيكل الكون الهائل . وفي موقف الشفاعة المرهوب . وفي مصطرع الحق والباطل . وفي أعماق النفوس وأغوار القلوب .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{قُلۡ أَرُونِيَ ٱلَّذِينَ أَلۡحَقۡتُم بِهِۦ شُرَكَآءَۖ كَلَّاۚ بَلۡ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (27)

قوله تعالى : " قل أروني الذين ألحقتم به شركاء " يكون " أروني " هنا من رؤية القلب ، فيكون " شركاء " المفعول الثالث ، أي عرفوني الأصنام والأوثان التي ، جعلتموها شركاء لله عز وجل ، وهل شاركت في خلق شيء ، فبينوا ما هو ؟ وإلا فلم تعبدونها . وجوز أن تكون من رؤية البصر ، فيكون " شركاء " حالا . " كلا " أي ليس الأمر كما زعمتم . وقيل : إن " كلا " رد لجوابهم المحذوف ، كأنه قال : أروني الذين ألحقتم به شركاء . قالوا : هي الأصنام . فقال كلا ، أي ليس له شركاء " بل هو الله العزيز الحكيم " .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قُلۡ أَرُونِيَ ٱلَّذِينَ أَلۡحَقۡتُم بِهِۦ شُرَكَآءَۖ كَلَّاۚ بَلۡ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (27)

ولما كانوا قد أنكروا البعث على ذلك الوجه الذي تقدم ، ودل على قدرته عليه بما نصب من الأدلة التي شاهدوها من أفعاله بالبصر أو البصيرة إيجاداً وإعداماً ، وأقام الحجة{[56867]} على صحة الدعوة وبطلان ما هم عليه ، ثم تهددهم بالفصل يوم الجمع ، وختم بصفة العلم المحيط المستلزم للقدرة الشاملة ، وكانت القدرة لا تكون شاملة إلا عند الوحدانية ، أمره بما يوجب لهم القطع بوحدانيته وشمول قدرته بقوله : { قل } أي لهؤلاء المشركين .

ولما كانت آلهتهم تسهل رؤيتها ، وكان كل ما هو كذلك سافل المقدار عن هذه الرتبة ، وكانت آلهتهم بالخصوص أدنى الأشياء عن ذلك بكونها من أخس الجمادات ، نبه على ذلك وعلى أنها نكرة لا تعرف بقلب ولا تدل عليها فطرة زيادة في تبكيتهم بقوله : { أروني الذين } ولما لزم مما ثبت له سبحانه من صفات الكمال العلو{[56868]} الذي لا يداينه أحد بوجه قال : { ألحقتم به } ولما كان الإلحاق {[56869]}يقتضي ولا بد{[56870]} قصور الملحق عن الملحق به ، أشار إلى فرط جهلهم بتسويتهم به بقوله : { شركاء } ثم نبه بعد إبطال قياسهم على أنهم في غاية الجلافة والجمود فهم كالأنعام بما قرعهم به من الرجز في قوله مؤكداً تكذيباً لهم في دعوى الشرك : { كلا } أي {[56871]}ارتدعوا وانزجروا{[56872]} فليس والله الأمر كما ذكرتم ولا قريب منه { بل هو } أي المعبود بالحق الذي لا يستحق أن يسمى هو{[56873]} غيره { الله } أي الذي اختص بالحمد في الأولى والآخرة { العزيز } أي الذي لا مثل له ، وكل شيء محتاج إليه{[56874]} ، وهو غالب على كل شيء غلبة لا يجد{[56875]} معها ذلك الشيء وجه مدافعة ولا انقلاب ، ولا وصول لشيء إليه إلا بإذنه { الحكيم * } أي المحكم لكل ما يفعله فلا يستطيع أحد{[56876]} نقض شيء منه{[56877]} فكيف يكون له شريك وأنتم ترون له{[56878]} من هاتين الصفتين المنافيتين لذلك وتعلمون عجز من أشركتموه به عن أن يساويكم مع ما تعلمون من عجزكم .


[56867]:في ظ وم ومد: الحجج.
[56868]:زيد من ظ وم ومد.
[56869]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لابد يقتضي.
[56870]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لابد يقتضي.
[56871]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[56872]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[56873]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: به.
[56874]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: له.
[56875]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لا يجب.
[56876]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[56877]:زيد من ظ ومد.
[56878]:زيد من ظ وم ومد.