( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) . .
وإن عداء الأخلاء لينبع من معين ودادهم . . لقد كانوا في الحياة الدنيا يجتمعون على الشر ، ويملي بعضهم لبعض في الضلال . فاليوم يتلاومون . واليوم يلقي بعضهم على بعض تبعة الضلال وعاقبة الشر . واليوم ينقلبون إلى خصوم يتلاحون ، من حيث كانوا أخلاء يتناجون ! ( إلا المتقين ) . . فهؤلاء مودتهم باقية فقد كان اجتماعهم على الهدى ، وتناصحهم على الخير ، وعاقبتهم إلى النجاة . .
قوله جلّ ذكره : { الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذِ بَعْضُهُمْ لِبَعضٍ عَدُوٌ إِلاَّ المُتَّقِينَ } .
ما كان لغير ِ اللَّهِ فمآلُه إلا الضياع . والأخلاءُ الذين اصطحبوا عَلَى مقتضى الهوى بعضهم لبعض عدو ؛ يتبرَّأ بعضُهم من بعضَ ، فلا ينفع أحدٌ أحداً .
وأمَّا الأخلاءُ في الله فيشفع بعضهم في بعض ، ويتكلم بعضهم في شأن بعض ، أولئك هم المتقون الذين استثناهم الله بقوله : { إِلاَّ الْمُتَقِينَ } .
وشرط الخلَّة في الله ؛ ألا يستعمل بعضُهم بعضاً في الأمور الدنيوية ، ولا يرتفق بعضهم ببعضٍ ؛ حتى تكونَ الصحبةُ خالصةً لله لا لنصيبٍ في الدنيا ، ويكون قبولُ بعضهم بعض لأَجْلِ الله ، ولا تجري بينهم مُداهَنَةٌ ، وبقَدْرِ ما يرى أحدُهم في صاحبه من قبولٍ لطريقِ اللَّهِ يقبله ؛ فإنْ عَلِمَ منه شيئاً لا يرضاه اللَّهُ لا يَرْضَى ذلك من صاحبه ، فإذا عاد إلى تركه عاد هذا إلى مودته ، وإلا فلا ينبغي أن يُساعدَه عَلَى معصيته ، كما ينبغي أن يتقيه بقلبه ، وأَلا يسكنَ إليه لغرضٍ دنيوي أو لطمعٍ أو لِعِوَض .
{ الاخلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ المتقين } الظرف متعلق بعدو والفصل لا يضر ، والمراد أن المحبات تنقطع يوم إذ تأتيهم الساعة ولا يبقى إلا محبة المتقين وهم المتصادقون في الله عز وجل لما أنهم يرون ثواب التحاب في الله تعالى ، واعتبار الانقطاع لأن الخل حال كونه خلا محال أن يصير عدواً . وقيل : المعنى الإخلاء تنقطع خلتهم ذلك اليوم إلا المجتنبين إخلاء السوء ، والفرق بين الوجهين أن المتقي في الأول : هو المحب لصاحبه في الله تعالى فاتقى الحب أن يشوبه غرض غير إلهي ، وفي الثاني : من اتقى صحبة الأشرار .
والاستثناء فيهما متصل ، وجوز أن يكون يومئذ متعلقاً بالإخلاء والمراد به في الدنيا ومتعلق عدو مقدر أي في الآخرة والآية قيل نزلت في أبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.