في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لِإِخۡوَٰنِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَئِنۡ أُخۡرِجۡتُمۡ لَنَخۡرُجَنَّ مَعَكُمۡ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمۡ أَحَدًا أَبَدٗا وَإِن قُوتِلۡتُمۡ لَنَنصُرَنَّكُمۡ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (11)

وحين ينتهي السياق من رسم هذه الصورة الوضيئة ، ورفعها على الأفق في إطار النور . يعود إلى الحادث الذي نزلت فيه السورة ، ليرسم صورة لفريق آخر ممن اشتركوا فيها . فريق المنافقين :

ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب : لئن أخرجتم لنخرجن معكم ، ولا نطيع فيكم أحدا أبدا ، وإن قوتلتم لننصرنكم ، والله يشهد إنهم لكاذبون . لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ، ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ، ولئن نصروهم ليولن الأدبار ، ثم لا ينصرون . لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ، ذلك بأنهم قوم لا يفقهون . لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر ، بأسهم بينهم شديد ، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ، ذلك بأنهم قوم لا يعقلون . كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ، ولهم عذاب أليم . كمثل الشيطان إذ قال للإنسان : اكفر . فلما كفر قال : إني بريء منك ، إني أخاف الله رب العالمين . فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها ، وذلك جزاء الظالمين . .

وهي حكاية لما قاله المنافقون ليهود بني النضير ، ثم لم يفوا به ، وخذلوهم فيه ، حتى أتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب . ولكن في كل جملة قرآنية لفتة تقرر حقيقة ، وتمس قلبا ، وتبعث انفعالا ، وتقر مقوما من مقومات التربية والمعرفة والإيمان العميق .

وأول لفتة هي تقرير القرابة بين المنافقين والذين كفروا من أهل الكتاب : ( ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب ) . فأهل الكتاب هؤلاء كفروا . والمنافقون إخوانهم ولو أنهم يلبسون رداء الإسلام !

ثم هذا التوكيد الشديد في وعد المنافقين لإخوانهم : ( لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا ، وإن قوتلتم لننصرنكم ) . .

والله الخبير بحقيقتهم يقرر غير ما يقررون ، ويؤكد غير ما يؤكدون : ( والله يشهد إنهم لكاذبون

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لِإِخۡوَٰنِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَئِنۡ أُخۡرِجۡتُمۡ لَنَخۡرُجَنَّ مَعَكُمۡ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمۡ أَحَدًا أَبَدٗا وَإِن قُوتِلۡتُمۡ لَنَنصُرَنَّكُمۡ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (11)

ثم تعجب تعالى من حال المنافقين ، الذين طمعوا إخوانهم من أهل الكتاب ، في نصرتهم ، وموالاتهم على المؤمنين ، وأنهم يقولون لهم : { لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا } أي : لا نطيع في عدم نصرتكم أحدا يعذلنا أو يخوفنا ، { وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } في هذا الوعد الذي غروا به إخوانهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لِإِخۡوَٰنِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَئِنۡ أُخۡرِجۡتُمۡ لَنَخۡرُجَنَّ مَعَكُمۡ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمۡ أَحَدًا أَبَدٗا وَإِن قُوتِلۡتُمۡ لَنَنصُرَنَّكُمۡ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (11)

قوله عز وجل : { ألم تر إلى الذين نافقوا } أي أظهروا خلاف ما أضمروا : يعني : عبد الله بن أبي سلول وأصحابه ، { يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب } وهم اليهود من بني قريظة والنضير ، جعل المنافقين إخوانهم في الدين ، لأنهم كفار مثلهم . { لئن أخرجتم } من المدينة ، { لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحداً } يسألنا خذلانكم وخلافكم ، { أبداً وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم }يعني المنافقين . { لكاذبون . } .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{۞أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لِإِخۡوَٰنِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَئِنۡ أُخۡرِجۡتُمۡ لَنَخۡرُجَنَّ مَعَكُمۡ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمۡ أَحَدًا أَبَدٗا وَإِن قُوتِلۡتُمۡ لَنَنصُرَنَّكُمۡ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (11)

قوله تعالى :{ ألم تر إلى الذين نافقوا } تعجب{[14860]} من اغترار اليهود بما وعدهم المنافقون من النصر مع علمهم بأنهم لا يعتقدون دينا ولا كتابا . ومن جملة المنافقين عبدالله بن أبي بن سلول ، وعبدالله بن نبتل ، ورفاعة بن زيد . وقيل : رافعة بن تابوت ، وأوس بن قيظي ، كانوا من الأنصار ولكنهم نافقوا ، وقالوا ليهود قريظة والنضير . { لئن أخرجتم لنخرجن معكم } وقيل : هو من قول بني النضير لقريظة . { ولا نطيع فيكم أحدا أبدا } يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم ، لا نطيعه في قتالكم . وفي هذا دليل على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من جهة علم الغيب ؛ لأنهم أخرجوا فلم يخرجوا ، وقوتلوا فلم ينصروهم ، كما قال الله تعالى :{ والله يشهد إنهم لكاذبون } أي في قولهم وفعلهم .


[14860]:في أ: "عجب".
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{۞أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لِإِخۡوَٰنِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَئِنۡ أُخۡرِجۡتُمۡ لَنَخۡرُجَنَّ مَعَكُمۡ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمۡ أَحَدًا أَبَدٗا وَإِن قُوتِلۡتُمۡ لَنَنصُرَنَّكُمۡ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (11)

ولما دل على أن{[63983]} هذا الثناء{[63984]} للصادقين في الإيمان بإقامة{[63985]} السنة بالهجرة والإيثار والاجتهاد في الدعاء لمن{[63986]} تبين الإيمان فسهل به طريق الأمان ، فأخرج ذلك المنافقين وأفهم أنهم لا يفعلون ذلك لأنهم لا رسوخ لهم في الإيمان الحامل على ذلك ، دل على نفاقهم الموجب لكذبهم بقوله متمماً للقصة مخاطباً لأعلى الخلق إشارة إلى أنه لا يطلع على نفاقهم لما لهم فيه من دقة المكر حق الاطلاع غيره صلى الله عليه وسلم معجباً من حالهم{[63987]} في عدم رسوخهم مع ما يرون من المعجزات والآيات البينات ويرون من حال المؤمنين من إسباغ الرحمة عليهم بتسهيل الأمور والنصرة على الجبابرة والإعراض{[63988]} عن الدنيا مع الإقبال على الآخرة والاجتهاد في الدين الذي{[63989]} هو وحده داع إلى الإيمان ومرقق للقلوب ومبين للحقائق{[63990]} غاية البيان : { ألم تر } أي تعلم علماً هو في قوة{[63991]} الجزم به{[63992]} كالمشاهد{[63993]} يا أعلى الخلق ، وبين بعدهم عن جنابه العالي ومنصبه الشريف الغالي بأداة الانتهاء{[63994]} فقال تعالى : { إلى الذين نافقوا } أي أظهروا غير ما أضمروا ، أظهروا{[63995]} الخير وبالغوا في إخفاء عقائدهم بالشر مبالغة من ساجل{[63996]} غيره ، وهم عبد الله بن أبي وأصحابه ، قالوا : والنفاق لفظ إسلامي لم تكن العرب تعرفه قبله ، وهو استعارة من {[63997]}فعل الضب{[63998]} في نافقائه وقاصعائه ، وصور حالهم بقوله : { يقولون لإخوانهم } أي في الموالاة بالضلالة{[63999]} .

ولما جمعهم في الكفر وإن افترقوا في المساترة والمجاهرة ، وصف المجاهرين بنوع مساترة توجب النفرة منهم وتقضي بهلاك من صادقهم فقال : { الذين كفروا } أي غطوا أنوار المعارف التي دلتهم{[64000]} على الحق ، وعينهم بما أبلغ في ذمهم {[64001]}من حيث{[64002]} إنهم ضلوا على علم فقال : { من أهل الكتاب } وهم بنو{[64003]} النضير هؤلاء ، وبكتهم بكذبهم فيما أكدوا الموعد به لأنه في حيز ما ينكر من جهة أنهم لا يقدرون على المجاهرة بكفرهم فكيف بالمبارزة بالخلاف لقومهم الأنصار والنبي صلى الله عليه وسلم فيهم في قولهم : { لئن أخرجتم } أي{[64004]} من مخرج ما من بلدهم الذي في المدينة الشريفة فخرجتم من غير أن تقاتلوا { لنخرجن معكم } فكان ما قضي به على إخوانهم من الإخراج فألاً وكل بمنطقهم .

ولما كان من المعلوم{[64005]} أن للمنافقين أقارب من أكابر المؤمنين ، وكان من المعلوم - أنهم يقومون عليهم في منعهم من القيام معهم نصيحة{[64006]} لهم وإحساناً إليهم ، وكان تجويز بني النضير موهناً لذلك{[64007]} ، قالوا مؤكدين للكون معهم : { ولا نطيع فيكم } أي في خذلانكم ، والمعنى أنه لو فرض أنه صار أحد في القرب منكم مثل قرب المظروف من الظرف ما أطعناه في التقصير فيما يسركم { أحداً } أي يسألنا خذلانكم من الرسول والمؤمنين ، وأكدوا بقولهم : { أبداً } أي ما دمنا نعيش ، وبمثل{[64008]} هذا العزم استحق الكافر الخلود الأبدي في العذاب .

ولما قدموا في معونتهم ما كان فألاً قاضياً عليهم ، أتبعوه قولهم : { وإن قوتلتم } أي من أي مقاتل{[64009]} كان فقاتلتم ولم تخرجوا { لننصرنكم } فالآية من الاحتباك : ذكر الإخراج أولاً دليلاً على ضده ثانياً ، والقتال ثانياً دليلاً على حذف ضده أولاً ، ومعنى الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إلى بني النضير : " اخرجوا من بلدي ولا تساكنوني ، قد هممتم بالغدر بن وقد أجلتكم عشراً ، فمن رئي بعد ذلك منكم ضربت عنقه " فأرسل{[64010]} إليهم ابن أبي بما تقدم .

ولما كان قولهم هذا كلاماً يقضي عليه سامعه بالصدق من حيث كونه مؤكداً مع كونه مبتدأ من غير سؤال فيه ، بين حاله{[64011]} سبحانه بقوله : { والله } أي يقولون ذلك {[64012]}والحال{[64013]} أن المحيط بكل شيء قدرة وعلماً { يشهد } بما يعلم من بواطنهم في عالم الغيب . ولما كان بعض من يسمع قولهم هذا ينكر أن لا يطابقه الواقع ، وكان إخلافهم{[64014]} فيه متحققاً في علم الله ، أطلق عليه ما لا يطلق إلا على ما كشف الواقع عن أنه غير مطابق ، فقال تشجيعاً للمؤمنين على قتالهم مؤكداً { إنهم } أي المنافقون { لكاذبون * } وهذا من أعظم دلائل النبوة لأنه إخبار بمغيب بعيد عن العادة بشهادة ما ظننتم أن يخرجوا فحققه الله عن قريب{[64015]} .


[63983]:- زيد من ظ وم.
[63984]:- من ظ وم، وفي الأصل: النداء.
[63985]:- من ظ وم، وفي الأصل: في إقامة.
[63986]:- من ظ وم، وفي الأصل: لمن.
[63987]:-من ظ وم، وفي الأصل: حللهم.
[63988]:- من ظ وم، وفي الأصل: إلا-كذا.
[63989]:- زيد من ظ.
[63990]:- من م، وفي الأصل وظ: للحقوق.
[63991]:- من ظ وم، وفي الأصل: غلبة.
[63992]:- زيد من م.
[63993]:- من ظ وم، وفي الأصل: كالمشاهدة.
[63994]:- من ظ وم، وفي الأصل: الاستفهام.
[63995]:- زيدت الواو في الأصل و ظ ولم تكن في م فحذفناها.
[63996]:- من ظ وم، وفي الأصل: سجل.
[63997]:- من ظ وم، وفي الأصل: لفظ.
[63998]:- من ظ وم، وفي الأصل: لفظ.
[63999]:- من ظ وم، وفي الأصل: الضلال.
[64000]:- من ظ وم، وفي الأصل: دلت.
[64001]:- من ظ وم، وفي الأصل: بحيث.
[64002]:- من ظ وم، وفي الأصل: بحيث.
[64003]:- من ظ وم، وفي الأصل: بنى.
[64004]:- زيد من ظ و م
[64005]:-زيد من ظ وم.
[64006]:- من ظ وم، وفي الأصل: فضيحة.
[64007]:- في ظ: لهم.
[64008]:- من ظ وم، وفي الأصل: مثل.
[64009]:- من ظ وم، وفي الأصل: قاتل.
[64010]:- زيد في الأصل: لهم، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[64011]:- من م، وفي الأصل وظ: حالهم.
[64012]:- من ظ وم، وفي الأصل: فالحال.
[64013]:- من ظ وم، وفي الأصل: فالحال.
[64014]:- من ظ وم، وفي الأصل: من أخلاقهم.
[64015]:- من ظ، وفي الأصل وم: قرب.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{۞أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لِإِخۡوَٰنِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَئِنۡ أُخۡرِجۡتُمۡ لَنَخۡرُجَنَّ مَعَكُمۡ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمۡ أَحَدًا أَبَدٗا وَإِن قُوتِلۡتُمۡ لَنَنصُرَنَّكُمۡ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (11)

{ ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون } .

{ ألم ترْ } تنظر { إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب } وهم بنو النضير وإخوانهم في الكفر { لئن } لام قسم في الأربعة { أخرجتم } من المدينة { لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم } في خذلانكم { أحداً أبداً وإن قوتلتم } حذفت منه اللام الموطئة { لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون } .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{۞أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لِإِخۡوَٰنِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَئِنۡ أُخۡرِجۡتُمۡ لَنَخۡرُجَنَّ مَعَكُمۡ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمۡ أَحَدًا أَبَدٗا وَإِن قُوتِلۡتُمۡ لَنَنصُرَنَّكُمۡ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (11)

قوله تعالى : { ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون إخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنّكم والله يشهد إنهم لكاذبون 11 لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولّنّ الأدبار ثم لا ينصرون 12 لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون 13 لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتّى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون 14 كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم 15 كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين 16 فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاؤا الظالمين } .

يبين الله في ذلك حقيقة المنافقين الكاذبين الذين يكنون في صدورهم الغيظ والكراهية للإسلام والمسلمين فهم يحرّضون الكافرين من أهل الكتب على قتال الرسول والمسلمين ، ويعدونهم بالنصرة والتأييد ويحلفون لهم أنهم لن يتخلوا عنهم إذا حوربوا ، والله يشهد إنهم لكاذبون . أولئك هم المنافقون المذبذبون الذين يتدسّسون في الظلام ليكيدوا للإسلام والمسلمين كيدا . وهم في كل الأحوال مخذولون مفضوحون ، فما يلبثون أن يظهروا وينكشفوا فيعلمهم الناس . فقال سبحانه : { ألم تر الى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب } يبين الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن المنافقين وفي طليعتهم عبد الله بن أبي ابن سلول - بعثوا ليهود بني النضير حين نزل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتالهم - أن اثبتوا لقتال محمد والمسلمين فإنا مؤيدوكم وناصروكم ولن نتخلى عنكم . فلئن قاتلكم المسلمون قاتلنا معكم ولئن أخرجوكم فإنا خارجون معكم . فاغترّ اليهود بهذا القول من المنافقين وانتظروا منهم أن يعينوهم ويقاتلوا معهم لكنهم لم يجدوا منهم شيئا وقد قذف الله في قلوبهم الرعب فتولوا هاربين . وهو قوله : { لئن أخرجتم لنخرجنّ معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا } يعني لا نطيع أحدا يسألنا أن نخذلكم ونتخلى عنكم ، ولكننا معكم في التأييد والمناصرة ، { وإن قوتلتم لننصرنكم } يعني إن قاتلكم محمد والمسلمون فلسوف نكون معكم لمناصرتكم وتأييدكم . { والله يشهد إنهم لكاذبون } الله جل جلاله يشهد أن هؤلاء المنافقين كاذبون فيما وعدوا به بني النضير من العون والنصر .