فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لِإِخۡوَٰنِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَئِنۡ أُخۡرِجۡتُمۡ لَنَخۡرُجَنَّ مَعَكُمۡ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمۡ أَحَدًا أَبَدٗا وَإِن قُوتِلۡتُمۡ لَنَنصُرَنَّكُمۡ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (11)

لما فرغ سبحانه من ذكر الطبقات الثلاث من المؤمنين ، ذكر ما جرى بين المنافقين واليهود من المقاولة لتعجيب المؤمنين من حالهم ، فقال : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين نافقوا } والخطاب لرسول الله ، أو لكل من يصلح له ، والذين نافقوا هم عبد الله بن أبيّ وأصحابه ، وجملة { يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب } مستأنفة لبيان المتعجب منه ، والتعبير بالمضارع لاستحضار الصورة أو للدلالة على الاستمرار ، وجعلهم إخواناً لهم لكون الكفر قد جمعهم ، وإن اختلف نوع كفرهم فهم إخوان في الكفر ، واللام في { لإخوانهم } هي لام التبليغ ، وقيل : هو من قول بني النضير لبني قريظة ، والأوّل أولى ؛ لأن بني النضير وبني قريظة هم يهود ، والمنافقون غيرهم .

واللام في قوله : { لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ } هي الموطئة للقسم : أي والله لئن أخرجتم من دياركم { لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ } هذا جواب القسم : أي لنخرجن من ديارنا في صحبتكم { وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ } أي في شأنكم ، ومن أجلكم { أَحَدًا } ممن يريد أن يمنعنا من الخروج معكم وإن طال الزمان ، وهو معنى قوله : { أَبَدًا } . ثم لما وعدوهم بالخروج معهم وعدوهم بالنصرة لهم ، فقالوا : { وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ } على عدوّكم . ثم كذبهم سبحانه فقال : { والله يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لكاذبون } فيما وعدوهم به من الخروج معهم والنصرة لهم .

/خ20