في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَتَفَكَّرُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۗ مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٖ مُّسَمّٗىۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَآيِٕ رَبِّهِمۡ لَكَٰفِرُونَ} (8)

ولارتباط تحقق وعد الله بالنصر بالحق الأكبر الذي يقوم عليه هذا الوجود ، وارتباط أمر الآخرة كذلك بهذا الحق استطرد يجول بهم جولة أخرى في ضمير هذا الكون . في السماوات والأرض وما بينهما ؛ ويردهم إلى أنفسهم ينظرون في أعماقها ويتدبرون ، علهم يدركون ذلك الحق الكبير ، الذي يغفلون عنه حين يغفلون عن الآخرة ؛ ويغفلون عن الدعوة التي تقودهم إلى رؤية ذلك الحق وتدبره :

أو لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى . و إن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون .

فطبيعة تكوينهم هم أنفسهم ، وطبيعة هذا الكون كله من حولهم توحي بأن هذا الوجود قائم على الحق ، ثابت على الناموس ، لا يضطرب ، ولا تتفرق به السبل ، ولا تتخلف دورته ، ولا يصطدم بعضه ببعض ، ولا يسير وفق المصادفة العمياء ، ولا وفق الهوى المتقلب ، إنما يمضي في نظامه الدقيق المحكم المقدر تقديرا . وأن من مقتضيات هذا الحق الذي يقوم عليه الوجود أن تكون هناك آخرة ، يتم فيها الجزاء على العمل ، ويلقى الخير والشر عاقبتهما كاملة . إنما كل شيء إلى أجله المرسوم . وفق الحكمة المدبرة ؛ وكل أمر يجيء في موعده لا يستقدم لحظة ولا يستأخر . وإذا لم يعلم البشر متى تكون الساعة ، فإن هذا ليس معناه أنها لا تكون ! ولكن تأجيلها يغري الذين لا يعلمون إلا ظاهرا من الحياة الدنيا ويخدعهم : ( وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون ) . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَتَفَكَّرُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۗ مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٖ مُّسَمّٗىۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَآيِٕ رَبِّهِمۡ لَكَٰفِرُونَ} (8)

{ أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون( 8 ) أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون( 9 ) ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوء أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤون( 10 ) }

المفردات :

في أنفسهم : أي تفكرا عميقا لا تفكرا ظاهريا أو لم يتفكروا في أمر أنفسهم فإنها أقرب إليهم من غيرها فبالتفكر يرجعون عن غفلتهم .

بالحق : بالعدل والحكمة .

وأجل مسمى : وقت سماه الله لابد من الانتهاء إليه وهو قيام الساعة .

بلقاء ربهم : بالبعث بعد الموت .

كافرون : جاحدون يحسبون أن الدنيا بداية ونهاية وأن الآخرة لا تكون .

8

التفسير :

{ أو لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون } .

أي أغفل هؤلاء الناس عن التأمل في أنفسهم تأملا عميقا كيف خلقهم الله ومنحهم العقل والفكر ليتأملوا في خلق السماء والأرض وما بينهما من فضاء وهواء وتكامل في الخلق ، فهذا الكون لم يخلق إلا بالحق والعدل ووجد لغاية محددة واجل مسمى ، ثم تنتهي هذه الحياة الدنيا لتبدأ مرحلة أخرى من الموت والبعث والحشر والحساب والجزاء .

{ وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون } .

أي أكثر الناس في انشغال تام بدنياهم ولذائذهم ، غافلون عن آخرتهم أو جاحدون كافرين ، بينما القليل من الناس مؤمن بالله مصدق بالآخرة وبالبعث والحساب والجزاء .

قال القرطبي : وفي هذه الآية تنبيه على الفناء وعلى أن لكل مخلوق أجلا ، وعلى ثواب المحسن وعقاب المسيء اه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَتَفَكَّرُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۗ مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٖ مُّسَمّٗىۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَآيِٕ رَبِّهِمۡ لَكَٰفِرُونَ} (8)

قوله تعالى : { أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق } أي : للحق ، وقيل : لإقامة الحق ، { وأجل مسمى } أي : لوقت معلوم إذا انتهت إليه فنيت ، وهو يوم القيامة . { وإن كثيراً من الناس بلقاء ربهم لكافرون* }