في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ أَسۡتَغۡفَرۡتَ لَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ لَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (6)

5

ومن ثم يتوجه الخطاب إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] بما قضاه الله في شأنهم على كل حال . وبعدم جدوى الاستغفار لهم بعد قضاء الله :

( سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم . إن الله لا يهدي القوم الفاسقين ) . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ أَسۡتَغۡفَرۡتَ لَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ لَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (6)

5

نزول الآية ( 6 ) :

أخرج ابن جرير ، عن عروة قال : لما نزلت : استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم . . . ( التوبة : 80 ) . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لأزيدن على السبعين " ، فأنزل الله : سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ . ( المنافقون : 6 ) .

المفردات :

الفاسقين : الخارجين عن طاعة الله وطاعة الرسول ، المنهمكين في أنواع الشرور والآثام .

التفسير :

6- { سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } .

كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على الاستغفار لهم ، حتى أعلمه الله تعالى أنه سبحانه قد غضب على المنافقين وختم على قلوبهم ، فهو لن يوفقهم ، ولن يمنحهم الهدى ، ليسيروا في طريق الإيمان ، لقد عصوا الله ونافقوا ، واستكبروا عن الذهاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم .

وهداية السماء غالبة ، والله تعالى يقول : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ( 5 ) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ( 6 ) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ( 7 ) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ( 8 ) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ( 9 ) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } . ( الليل : 5-10 ) .

وقال سبحانه وتعالى : { إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون } . ( يونس : 44 ) .

فهؤلاء المنافقون أعرضوا عن دين الله ، وأمامهم النبي الخاتم ، والرسول الهادي ، لكنهم ناوأوه وآذوه وتكلموا عليه كلاما قبيحا ، فغضب الله عليهم ، وقل لنبيه صلى الله عليه وسلم : الاستغفار لهم وعدمه سواء بالنسبة لهم ، فمهما استغفرت لهم فإن الله تعالى لن يغفر لهم ، لأنهم فسقوا وخرجوا عن أمر الله ، وصدّوا عن سبيله ، وشككوا ضعاف الإيمان في إيمانهم بالله .

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } .

لقد أغلقت قلوبهم على النفاق والبعد عن الهداية ، وعميت بصائرهم عن نور الإيمان ، فسلب الله هدايته عنهم لفسقهم وضلالهم .

/خ8

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ أَسۡتَغۡفَرۡتَ لَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ لَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (6)

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ أَسۡتَغۡفَرۡتَ لَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ لَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (6)

ثم بين الله أن هؤلاء المنافقين لا فائدة منهم ، ولن ينفع معهم أيُّ شيء بقوله تعالى : { سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ الله لَهُمْ إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين } .

فالاستغفار وعدمه سِيّان ، لا يُجديهم نفعا ، لأن الله كَتَبَ عليهم الشقاء ، بما كسبتْ أيديهم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ أَسۡتَغۡفَرۡتَ لَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ لَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (6)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: سواء يا محمد على هؤلاء المنافقين الذين قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله" أستَغْفَرْتَ لَهُمْ "ذنوبهم "أمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ" يقول: لن يصفح الله لهم عن ذنوبهم، بل يعاقبهم عليها "إنّ اللّهِ لا يَهْدِي القَوْمَ الفاسِقِينَ" يقول: إن الله لا يوفّق للإيمان القوم الكاذبين عليه، الكافرين به، الخارجين عن طاعته.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر} [فيه وجهان:

أحدهما: أنهم] لم يعدوا ذلك زلة وذنبا لأنه كان عندهم أنهم على الحق.

والثاني: ما قلنا: إنهم كانوا لا يؤمنون بالآخرة، والمغفرة إنما تطلب من الله، ويتحقق ذلك في الآخرة.

وقوله تعالى: {لن يغفر الله لهم} على ذلك أيضا؛ إنه لا يغفر أستغفرت أم لم تستغفر... ثم قوله تعالى: {لن يغفر الله لهم} يحتمل وجهين:

أحدهما: يقول: {لن يغفر الله لهم} ما داموا على النفاق، ولم يتوبوا عنه. والثاني: أن يقول: {لن يغفر الله لهم} في قوم، علم الله منهم أنهم لا يؤمنون أبدا...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{إن الله لا يهدي القوم الفاسقين} ولم يقل: القوم الكافرين أو المنافقين أو المستكبرين مع أن كل واحد منهم من جملة ما سبق ذكره؟

نقول: كل أحد من تلك الأقوام داخل تحت قوله: {الفاسقين} أي الذين سبق ذكرهم وهم الكافرون والمنافقون والمستكبرون.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

... وجملة (لن يغفر الله لهم}... هي وعيد لهم وجزاء على استخفافهم بالاستغفار من رسول الله صلى الله عليه وسلم... وجملة {إن الله لا يهدي القوم الفاسقين} تعليل لانتفاء مغفرة الله لهم بأن الله غضب عليهم فحرمهم اللطف والعناية...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}...

لأنّ المغفرة بيده، وليس لك أن تستغفر إلا لمن كان يعيش هذه القابلية وهم المؤمنون العصاة، أما الكافرون الذين لا يؤمنون بالله، والمشركون الذين يشركون بعبادته غيره، فليس لهم طريق إلى رحمة الله ورضوانه، وبالتالي فليس لهم مجال في عفو الله وغفرانه، لأنهم لا يتعلقون من رحمة الله بشيء، ولا يجدون أنفسهم بحاجةٍ إلى رحمة الله، ما يجعل الفسق عندهم خطاً يؤكدون إرادتهم فيه، ويرفضون غيره، {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} لأن الله قد فتح لهم باب الهداية، فأغلقوها على أنفسهم، فلا يفتحها الله لهم من جديد مع بقاء إراداتهم الرافضة على حالها...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ أَسۡتَغۡفَرۡتَ لَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ لَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (6)

ثم أخبر أن استغفار الرسول عليه السلام لا ينفعهم لفسقهم وكفرهم فقال { سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ أَسۡتَغۡفَرۡتَ لَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ لَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (6)

قوله تعالى : " سواء عليهم أاستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم " يعني كل ذلك سواء ، لا ينفع استغفارك شيئا ؛ لأن الله لا يغفر لهم . نظيره : " سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون{[15031]} " [ البقرة : 6 ] ، " سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين{[15032]} " [ الشعراء : 136 ] . وقد تقدم . " إن الله لا يهدي القوم الفاسقين " أي من سبق في علم الله أنه يموت فاسقا .


[15031]:راجع جـ 1 ص 184.
[15032]:راجع جـ 13 ص 125.