قوله : { أَسْتَغْفَرْتَ } : قراءةُ العامَّةُ بهمزةٍ مفتوحةٍ مِنْ غير مَدّ ، وهي همزةُ التسويةِ التي أصلُها الاستفهامُ . وقرأ يزيد ابن القعقاع " آسْتَغْفَرْت " . بهمزةٍ ثم ألفٍ ، فاختلف الناس في تأويلِها ، فقال الزمخشري : " إشْباعاً لهمزة الاستفهام للإِظهارِ والبيان ، لا قَلْباً لهمزة الوصل كما في " آلسحرُ " و " آللهُ " يعني أنه أشبع فتحةَ همزةِ التسويةِ فتولَّد منها ألفٌ ، وقَصْدُه بذلِك إظهارُ الهمزةِ وبيانُها ، لا أنه قَلَبَ الوصَل ألفاً كما قَلَبها في قولِه : " آلسحرُ " " آللهُ أَذِنَ لكم " لأنَّ هذه الهمزةَ للوَصْلَ ، فهي تَسْقُط في الدَّرْج . وأيضاً فهي مكسورةٌ فلا يَلْتبسُ معها الاستفهامُ بالخبر : بخلاف " آلسحر " و " آلله " . وقال آخرون : هي عِوَضٌ من همزةِ الوصلِ . كما في " آلذَّاكَرَيْن " وهذا ليس بشيءٍ ؛ لأنَّ هذه مكسورةٌ فكيف تُبْدَلُ ألفاً ؟ وأيضاً فإنما قَلَبْناها هناك ألفاً ولم نحذِفْها ، وإن كان حَذْفُها مُسْتحقاً ، لئلا يلتبسَ الاستفهامُ بالخبر ، وهنا لا لَبْسَ .
وقال ابن عطية : " قرأ أبو جعفر يعني يزيد بن القعقاع " آستغفرْتَ " بمَدَّة على الهمزةِ . وهي ألفُ التسوية . وقرأ أيضاً بوَصْلِ الألف دون همز على الخبر ، وفي هذا كلِّه ضَعْفٌ ؛ لأنه في الأولى أثبت هَمزةَ الوصلِ ، وقد أغنتْ عنها همزةُ الاستفهام ، وفي الثانية حَذَفَ همزةَ الاستفهام ، وهو يُريدها ، وهذا ممَّا لا يُسْتعملُ إلاَّ في الشعر " . قلت : أمَّا قراءتُه " استغفرْتَ " بوَصْلِ الهمزة فرُوِيَتْ أيضاً عن أبي عمروٍ ، إلاَّ أنه هو يضُمُّ ميم " عليهم " عند وَصْلِه الهمزةَ ؛ لأن أصلَها الضمُّ ، وأبو عمرو يكسِرُها على أصلِ التقاء الساكنين . وأمَّا قولُه : " وهذا ممَّا لا يُسْتعمل إلاَّ في شعرٍ " فإنْ أراد بهذا مَدَّ هذه الهمزةِ في هذا المكانِ فصحيحٌ ، بل لا نجده أيضاً ، وإن أرادَ حَذْفَ همزةَ الاستفهام فليس بصحيحٍ لأنَّه يجوزُ حَذْفُها إجماعاً قبل " أم " نثراً ونَظْماً ، وأمَّا دونَ " أم " ففيه خلافٌ ، والأخفشُ يُجَوِّزُهُ ويجعلُ منه { وَتِلْكَ نِعْمَةٌ } [ الشعراء : 22 ] وقولَه :
طَرِبْتُ وما شَوْقاً إلى البيضِ أَطْرَبُ *** ولا لَعِباً مني وذو الشَّيْبِ يَلْعَبُ
أَفْرَحُ أَنْ أُرْزَأَ الكرامَ وأَنْ *** أُوْرَثَ ذَوْداً شصائِصاً نَبْلا
وأمَّأ قبل " أم " فكثير كقولِه :
لَعَمْرُكَ ما أَدْري وإنْ كنتُ داريا *** بسَبْعٍ رَمَيْنَ الجَمْر أم بثمانٍ
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.