ذكر تعالى أن استغفاره لا ينفعهم فقال : { سواء عليهم أستغفرت لهم } قال قتادة : نزلت هذه الآية بعد قوله : { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم } وذلك لأنها لما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خيرني ربي فلأزيدنهم على السبعين " فأنزل الله تعالى : { لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين } قال ابن عباس : المنافقين ، وقال قوم : فيه بيان أن الله تعالى يملك هداية وراء هداية البيان ، وهي خلق فعل الاهتداء فيمن علم منه ذلك ، وقيل : معناه لا يهديهم لفسقهم وقالت المعتزلة : لا يسميهم المهتدين إذا فسقوا وضلوا وفي الآية مباحث :
البحث الأول : لم شبههم بالخشب المسندة لا بغيره من الأشياء المنتفع بها ؟ نقول لاشتمال هذا التشبيه على فوائد كثيرة لا توجد في الغير ( الأولى ) قال في الكشاف : شبهوا في استنادهم وما هم إلا أجرام خالية عن الإيمان والخير ، بالخشب المسندة إلى الحائط ، ولأن الخشب إذا انتفع به كان في سقف أو جدار أو غيرهما من مظان الانتفاع ، وما دام متروكا فارغا غير منتفع به أسند إلى الحائط ، فشبهوا به في عدم الانتفاع ، ويجوز أن يراد بها الأصنام المنحوتة من الخشب المسندة إلى الحائط شبهوا بها في حسن صورهم ، وقلة جداوهم ( الثانية ) الخشب المسندة في الأصل كانت غصنا طريا يصلح لأن يكون من الأشياء المنتفع بها ، ثم تصير غليظة يابسة ، والكافر والمنافق كذلك كان في الأصل صالحا لكذا وكذا ، ثم يخرج عن تلك الصلاحية ( الثالثة ) الكفرة من جنس الإنس حطب ، كما قال تعالى : { حصب جهنم أنتم لها واردون } والخشب المسندة حطب أيضا ( الرابعة ) أن الخشب المسندة إلى الحائط أحد طرفيها إلى جهة ، والآخر إلى جهة أخرى ، والمنافقون كذلك ، لأن المنافق أحد طرفيه وهو الباطن إلى جهة أهل الكفر ، والطرف الآخر وهو الظاهر إلى جهة أهل الإسلام ( الخامسة ) المعتمد عليه الخشب المسندة ما يكون من الجمادات والنباتات ، والمعتمد عليه للمنافقين كذلك ، وإذا كانوا من المشركين إذ هو الأصنام ، إنها من الجمادات أو النباتات .
الثاني : من المباحث أنه تعالى شبهم بالخشب المسندة ، ثم قال من بعد ما ينافي هذا التشبيه وهو قوله تعالى : { يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو } والخشب المسندة لا يحسبون أصلا ، نقول : لا يلزم أن يكون المشبه والمشبه به يشتركان في جميع الأوصاف ، فهم كالخشب المسندة بالنسبة إلى الانتفاع وعدم الانتفاع ، وليسوا كالخشب المسندة بالنسبة إلى الاستماع وعدم الاستماع للصيحة وغيرها .
الثالث : قال تعالى : { إن الله لا يهدي القوم الفاسقين } ولم يقل : القوم الكافرين أو المنافقين أو المستكبرين مع أن كل واحد منهم من جملة ما سبق ذكره ؟ نقول : كل أحد من تلك الأقوام داخل تحت قوله : { الفاسقين } أي الذين سبق ذكرهم وهم الكافرون والمنافقون والمستكبرون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.