في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ} (44)

26

( وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون ) . .

ونص هذه الآية هنا يحتمل أحد مدلولين :

أن هذا القرآن تذكير لك ولقومك تسألون عنه يوم القيامة ، فلا حجة بعد التذكير .

أو أن هذا القرآن يرفع ذكرك وذكر قومك . وهذا ما حدث فعلاً . .

فأما الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] فإن مئات الملايين من الشفاه تصلي وتسلم عليه ، وتذكره ذكر المحب المشتاق آناء الليل وأطراف النهار منذ قرابة ألف وأربع مئة عام . ومئات الملايين من القلوب تخفق بذكره وحبه منذ ذلك التاريخ البعيد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .

وأما قومه فقد جاءهم هذا القرآن والدنيا لا تحس بهم ، وإن أحست اعتبرتهم على هامش الحياة . وهو الذي جعل لهم دورهم الأكبر في تاريخ هذه البشرية . وهو الذي واجهوا به الدنيا فعرفتهم ودانت لهم طوال الفترة التي استمسكوا فيها به . فلما أن تخلوا عنه أنكرتهم الأرض ، واستصغرتهم الدنيا ؛ وقذفت بهم في ذيل القافلة هناك ، بعد أن كانوا قادة الموكب المرموقين !

وإنها لتبعة ضخمة تسأل عنها الأمة التي اختارها الله لدينه ، واختارها لقيادة القافلة البشرية الشاردة ، إذا هي تخلت عن الأمانة : ( وسوف تسألون ) . .

وهذا المدلول الأخير أوسع وأشمل . وأنا إليه أميل .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ} (44)

36

المفردات :

وإنه لذكر : وإن القرآن لشرف عظيم .

تسألون : أي : عن قيامكم بما أوجبه القرآن عليكم من التكاليف من أمر ونهي .

التفسير :

44- { وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون } .

نزل القرآن بلسان عربي مبين ، وكان شرفا للأمة العربية أن ينزل وحي السماء باللسان العربي ، على رجل عربي منهم ، وقد رباهم القرآن وطهرهم ، وعلمهم ووحدهم ، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس ، وبالقرآن توحدت جزيرة العرب ، وفتحت بلاد الفرس والروم ومصر وشمال أفريقيا وبلاد ما وراء النهر ، وشرقت الدعوة الإسلامية وغربت ، واحتضن الإسلام جميع الأمم التي دخلت في الإسلام ، وكان العلماء والأدباء ، والنحاة والفلاسفة وغيرهم من بلاد أعجمية دخلت في الإسلام ، واعتنقت هذا الدين وقامت بخدمته .

قال صلى الله عليه وسلم : ( ليست العربية لأحدكم بأب ولا أم ، ولكن العربية اللسان ، من تكلم العربية فهو عربي )8 .

وفي معنى هذه الآية قوله تعالى : { لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون } . ( الأنبياء : 10 ) .

لقد حفظ القرآن اللغة العربية ، والأمة العربية ، والعرب بالإسلام كل شيء ، وبدون الإسلام لا شيء .

قال تعالى : { ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين } . ( فصلت : 33 ) .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ} (44)

{ وإنه لذكر لك ولقومك } أي وإن ما أوحي إليك – وهو القرآن – لشرف عظيم لك ولقومك أي قريش . أو للعرب عامة . أو لأمتك{ وسوف تسألون } يوم القيامة عنه ، وعن القيام بحقه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ} (44)

{ وَإِنَّهُ } أي : هذا القرآن الكريم { لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ } أي : فخر لكم ، ومنقبة جليلة ، ونعمة لا يقادر قدرها ، ولا يعرف وصفها ، ويذكركم أيضا ما فيه الخير الدنيوي والأخروي ، ويحثكم عليه ، ويذكركم الشر ويرهبكم عنه ، { وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } عنه ، هل قمتم به فارتفعتم وانتفعتم ، أم لم تقوموا به فيكون حجة عليكم ، وكفرا منكم بهذه النعمة ؟

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ} (44)

{ وإنه } أي القرآن { لذكر } لشرف { لك ولقومك } إذ نزل بلغتهم ونزل عليك وأنت منهم { وسوف تسألون } عن شكر ما جعلنا لكم من الشرف

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ} (44)

ولما أثبت حسنه في نفسه المتقضي للزومه ، عطف عليه نفعه لهم . وأكد لإنكارهم فقال : { وإنه } أي الذي أوحى إليك في الدنيا { لذكر } أي شرف عظيم جداً وموعظة وبيان ، عبر عن الشرف بالذكر للتنبيه على أن سببه الإقبال على الذكر وعلى ما بينه وشرعه والاستمساك به والاعتناء بشأنه : { لك ولقومك } قريش خصوصاً والعرب عموماً وسائر من اتبعك ولو كان من غيرهم من جهة نزوله على واحد منهم وبلسانهم ، فكان سائر الناس تبعاً لهم ومن جهة إيراثه الطريقة الحسنى والعلوم الزاكية الواسعة وتأثيره الظهور على جميع الطوائف والإمامة لقريش بالخصوص كما قال صلى الله عليه وسلم : " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس اثنان ما أقاموا الدين " فمن أقام هذا الدين كان شريفاً مذكوراً في ملكوت السماوات والأرض ، قال ابن الجوزي : وقد روى الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سئل : لمن هذا الأمر ، من بعدك ، لم يخبر بشيء حتى نزلت هذه الآية ، فكان بعد ذلك إذا سئل قال : لقريش - وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم فهم من هذا أنه يلي على المسلمين بحكم النبوة وشرف القرآن ، وأن قومه يخلفونه من بعده في الولاية بشرف القرآن الذي أنزل على رجل منهم - انتهى .

ولما كان التقدير : فسوف تشرفون على سائر الملوك وتعلمون ، عطف عليه قوله : { وسوف تسألون } أي تصيرون في سائر أنواع العلم محط رحال السائلين ديياً ودنيا بحيث يسألكم جميع أهل الأرض من أهل الكتاب ومن غيرهم عما يهمهم من أمر دينهم ودنياهم لما يعتقدون من أنه لا يوازيكم أحد في العلم بعد أن كنتم عندهم أحقر الأمم ضعفاً وجهلاً كما وقع لبني إسرائيل حيث رفعهم الله ، وكان ذلك أبعد الأشياء عند فرعون وآله ، ولذلك كانوا يتضاحكون استهزاء بتلك الآيات وينسبون الآتي بها إلى ما لا يليق بمنصبه العالي من المحالات ، وتسألون عن حقه وأداء شكره وكيف كنتم في العمل به والاستجابة له ، وهذا بوعد صادق لا حلف فيه أصلاً .