في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ} (12)

ثم يوازن بين نصيب الذين آمنوا ونصيب الذين كفروا من المتاع بعدما بين نصيب هؤلاء وهؤلاء فيما يشتجر بينهم من قتال ونزال . مع بيان الفارق الأصيل بين متاع ومتاع :

إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار . والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام ، والنار مثوى لهم . .

والذين آمنوا وعملوا الصالحات يتمتعون في الأرض أحيانا من أطيب المتاع ؛ ولكن الموازنة هنا إنما تقوم بين النصيب الحقيقي الضخم للمؤمنين - وهو نصيبهم في الجنة - والنصيب الكلي للكافرين الذي لا نصيب لهم سواه .

ونصيب المؤمنين يتلقونه من يد الله في جنات تجري من تحتها الأنهار . فالله هو الذي يدخلهم . وهو إذن نصيب كريم علوي رفيع . وهم ينالونه من بين يدي الله في علاه جزاء على الإيمان والصلاح ، متناسقا في رفعته وكرامته مع الارتفاع المنطلق من الإيمان والصلاح .

ونصيب الذين كفروا متاع وأكل ( كما تأكل الأنعام ) . . وهو تصوير زري ، يذهب بكل سمات الإنسان ومعالمه ؛ ويلقي ظلال الأكل الحيواني الشره ، والمتاع الحيواني الغليظ . بلا تذوق ، وبلا تعفف عن جميل أو قبيح . . إنه المتاع الذي لا ضابط له من إرادة ، ولا من اختيار ، ولا حارس عليه من تقوى ، ولا رادع عنه من ضمير .

والحيوانية تتحقق في المتاع والأكل ، ولو كان هناك ذوق مرهف للطعوم ، وحس مدرب في اختيار صنوف المتاع ، كما يتفق هذا لكثير من الناشئين في بيوت النعمة والثراء . وليس هذا هو المقصود . إنما المقصود هو حساسية الإنسان الذي يملك نفسه وإرادته ، والذي له قيم خاصة للحياة ؛ فهو يختار الطيب عند الله . عن إرادة لا يخضعها ضغط الشهوة ، ولا يضعفها هتاف اللذة . ولا تحسب الحياة كلها مائدة طعام ، وفرصة متاع ؛ بلا هدف بعد ذلك ولا تقوى فيما يباح وما لا يباح !

إن الفارق الرئيسي بين الإنسان والحيوان : أن للإنسان إرادة وهدفا وتصورا خاصا للحياة يقوم على أصولها الصحيحة ، المتلقاة من الله خالق الحياة . فإذا فقد هذا كله فقد أهم خصائص الإنسان المميزة لجنسه ، وأهم المزايا التي من أجلها كرمه الله .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ} (12)

10

المفردات :

يتمتعون : ينتفعون بمتاع الدنيا .

ويأكلون كما تأكل الأنعام : ليس لهم هم إلا بطونهم وفروجهم ، ولا يلتفتون إلى العاقبة أو الآخرة .

مثوى : منزل ومقام ومصير .

التفسير :

12- { إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم } .

إن الله الذي هو ولي الذين آمنوا ، يختصهم بعنايته ورعايته ، وهو سبحانه يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار ، وفي هذه الجنات الأنهار والأشجار والثمار والحور العين ، ورضوان الله رب العالمين ، وفيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، و لا خطر على قلب بشر .

{ والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم } .

الكافرون تشغلهم الدنيا ولذائذها ، فهم حريصون على متعها ، والاستكثار من الطعام والشراب ، والخمر والمحرمات ، غير مفكرين في العاقبة ، كما تأكل الأنعام في مسارحها ومعالفها ، غافلة عما هي بصدده من النحر والذبح ، أما منازل الكفار في الآخرة فهي النار ، وما فيها من زقوم وحميم وغسلين ، وعذاب وإهانة ، وغضب الحي القيوم .

روى البخاري ، ومسلم ، وأحمد ، والترمذي ، وابن ماجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( المؤمن يأكل في معي واحد ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء )5 .

قال فخر الدين الرازي في التفسير الكبير :

كثيرا ما يقتصر الله على ذكر الأنهار في وصف الجنة ، لأن الأنهار تتبعها الأشجار ، والأشجار تتبعها الثمار ، والماء سبب حياة العالم ، والنار سبب الإعدام . اه .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{إِنَّ ٱللَّهَ يُدۡخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأۡكُلُونَ كَمَا تَأۡكُلُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ وَٱلنَّارُ مَثۡوٗى لَّهُمۡ} (12)

{ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ( 12 ) }

إن الله يدخل الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار تَكْرِمَةً لهم ، ومثل الذين كفروا في أكلهم وتمتعهم بالدنيا ، كمثل الأنعام من البهائم التي لا همَّ لها إلا في الاعتلاف دون غيره ، ونار جهنم مسكن لهم ومأوى .