في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَمۡ أَبۡرَمُوٓاْ أَمۡرٗا فَإِنَّا مُبۡرِمُونَ} (79)

57

أم أبرموا أمراً ? فإنا مبرمون . أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم و نجواهم ? بلى ورسلنا لديهم يكتبون . .

فإصرارهم على الباطل في وجه الحق يقابله أمر الله الجازم وأرادته بتمكين هذا الحق وتثبيته .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَمۡ أَبۡرَمُوٓاْ أَمۡرٗا فَإِنَّا مُبۡرِمُونَ} (79)

74

المفردات :

أم أبرموا أمرا : أحكموه وقرروه واعتزموه ، من الإبرام وهو الإحكام والإتقان ، يقال : أبرم الحبل ، أي : أتقن فتله .

التفسير :

79- { أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون } .

أم ، للإضراب الانتقالي ، حيث كان الحديث عن عذاب المجرمين في جهنم ، فانتقل إلى مجابهة أهل مكة ، أي : بل دبروا وأحكموا المكر والكيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الندوة ، حيث فكروا في حبسه أو نفيه أو قتله ، وأخيرا استقر رأيهم على أن يختاروا من كل قبيلة فتى جلدا وسطا متينا ، ويعطى كل شاب سيفا صارما بتّارا ، ثم يضربوا النبي صلى الله عليه وسلم ضربة واحدة ، وبذلك يتفرق دمه في القبائل ، فلا يستطيع بنو عبد مناف محاربة كل هذه القبائل ، فيقنعون بالدية في قتله وبذلك يستريح كفار مكة ، لكن الله أبرم ودبر وأحكم حفظ رسوله ، وأمره بالهجرة ، فخرج من بينهم بحفظ الله وعنايته .

قال مقاتل بن سليمان :

نزلت في تدبير المشركين المكر بالنبي صلى الله عليه وسلم في دار الندوة ، حين استقر أمرهم على ما أشار به أبو جهل ، وهو أن يبرز من كل قبيلة رجل ، ليشتركوا في قتله صلى الله عليه وسلم فتضعف المطالبة بدمه .

وقال غيره من المفسرين :

الآية عامة ، والمعنى : كلما أحكموا أمرا في المكر بمحمد صلى الله عليه وسلم فإنا نحكم أمرا في مجازاتهم ، وإنا محكمون لهم كيدا ، أي نبيت لهم جزاء وعقابا شديدا .

قال تعالى : { ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون } . ( النمل : 50 ) .

وقال سبحانه : { أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون } . ( الطور : 42 ) .

قال ابن كثير :

وذلك لأن المشركين كانوا يتحيلون في رد الحق بالباطل بحيل ومكر يسلكونه ، فكادهم الله تعالى ورد وبال ذلك عليهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَمۡ أَبۡرَمُوٓاْ أَمۡرٗا فَإِنَّا مُبۡرِمُونَ} (79)

{ 79-80 } { أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ }

يقول تعالى : أم أبرم المكذبون بالحق المعاندون له { أَمْرًا } أي : كادوا كيدا ، ومكروا للحق ولمن جاء بالحق ، ليدحضوه ، بما موهوا من الباطل المزخرف المزوق ، { فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } أي : محكمون أمرا ، ومدبرون تدبيرا يعلو تدبيرهم ، وينقضه ويبطله ، وهو ما قيضه اللّه من الأسباب والأدلة لإحقاق الحق وإبطال الباطل ، كما قال تعالى : { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ }

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَمۡ أَبۡرَمُوٓاْ أَمۡرٗا فَإِنَّا مُبۡرِمُونَ} (79)

ولما كان هذا خبراً لا جواب فيه لظهور الدلائل وتعالي العظمة إلا الرجوع ، وكان من لا يرجع إنما يريد بمحاربة الإله الأعظم ، قال عادلاً عن الخطاب إنزالاً لهم بالغيبة منزلة البعيد الذي لا يلتفت إليه معادلاً لما تقديره : أرجعوا لما ظهر لهم من الحق الظاهر { أم أبرموا } أي أحكموا { أمراً } في رد أمرنا ومعاداة أوليائنا مع علمهم بأنا مطلعون عليهم .

ولما كان سبحانه مطلعاً بطية أمرهم وغائب سرهم ، سبب عما سأل عنه من إبرامهم ما دل على أنه عالم به وقد أبرم له قبل كونه ما يزيله ويعدمه ويحيله ، على سبيل التأكيد لإنكارهم أن يغلبوا فقال : { فإنا مبرمون } أي دائماً للأمور لعلمنا بها قبل كونها وقدرتنا واختيارنا ، تلك صفتنا التي لا تحول بوجه : العلم والقدرة والإرادة ، لم يتجدد لنا شيء لم يكن .