في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَإِذَا فَرَغۡتَ فَٱنصَبۡ} (7)

ثم يجيء التوجيه الكريم لمواقع التيسير ، وأسباب الانشراح ، ومستودع الري والزاد في الطريق الشاق الطويل : ( فإذا فرغت فانصب . وإلى ربك فارغب ) . .

إن مع العسر يسرا . . فخذ في أسباب اليسر والتيسير . فإذا فرغت من شغلك مع الناس ومع الأرض ، ومع شواغل الحياة . . إذا فرغت من هذا كله فتوجه بقلبك كله إذن إلى ما يستحق أن تنصب فيه وتكد وتجهد . . العبادة والتجرد والتطلع والتوجه . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَإِذَا فَرَغۡتَ فَٱنصَبۡ} (7)

المفردات :

فإذا فرغت : من عبادة أدّيتها .

فانصب : فاجتهد وأتعبها بعبادة أخرى ، أو بعمل آخر .

فارغب : فاجعل رغبتك في جميع شئونك .

التفسير :

7 ، 8- فإذا فرغت فانصب* وإلى ربك فارغب .

إذا فرغت من شئون الدنيا وأمرها فأتبع ذلك بالنّصب والتّعب في شئون الآخرة ، وارغب إلى الله في عبادتك وصلاتك ومناجاتك وتبتّلك ، وقم إلى العبادة نشيطا فارغ البال ، وأخلص لربك النية والرغبة .

وقيل : إذا فرغت من الصلاة المفروضة فانصب في صلاة النافلة ، أو في الدعاء والاستغفار .

وإلى ربك فارغب . اجعل نيتك ورغبتك إلى الله عز وجل .

وقد سار النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الهدي الكريم ، فكان نموذجا يحتذى في عمله ، وقيام الليل ، وتدريب المسلمين وقيادة الجيوش ، وتربية الصحابة والصحابيات ، وقد اقتدى به أصحابه من بعده ، فكانوا خير أمة أخرجت للناس .

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إني لأكره لأحدكم أن يكون خاليا ، لا في عمل دنيا ولا دين .

وقال عمر أيضا : إني لأنظر إلى الرجل فيعجبني ، فإذا قيل إنه لا عمل له سقط من عيني .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَإِذَا فَرَغۡتَ فَٱنصَبۡ} (7)

ثم أمر الله رسوله أصلًا ، والمؤمنين تبعًا ، بشكره والقيام بواجب نعمه ، فقال :{ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ } أي : إذا تفرغت من أشغالك ، ولم يبق في قلبك ما يعوقه ، فاجتهد في العبادة والدعاء .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَإِذَا فَرَغۡتَ فَٱنصَبۡ} (7)

فيه مسألتان :

الأولى- قوله تعالى : { فإذا فرغت فانصب ، وإلى ربك فارغب }

قوله تعالى : " فإذا فرغت " قال ابن عباس وقتادة : فإذا فرغت من صلاتك " فانصب " أي بالغ في الدعاء وسله حاجتك . وقال ابن مسعود : إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل . وقال الكلبي : إذا فرغت من تبليغ الرسالة " فانصب " أي استغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات . وقال الحسن وقتادة أيضا : إذا فرغت من جهاد عدوك ، فانصب لعبادة ربك . وعن مجاهد : " فإذا فرغت " من دنياك ، " فانصب " في صلاتك . ونحوه عن الحسن . وقال الجنيد : إذا فرغت من أمر الخلق ، فاجتهد في عبادة الحق . قال ابن العربي : " ومن المبتدعة من قرأ هذه الآية " فانصب " بكسر الصاد ، والهمز{[16175]} من أوله ، وقالوا : معناه : انصِب الإمام الذي تستخلفه . وهذا باطل في القراءة ، باطل في المعنى ؛ لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم لم يستخلف أحدا . وقرأها بعض الجهال " فانصب " بتشديد الباء ، معناه : إذا فرغت من الجهاد ، فجد في الرجوع إلى بلدك . . وهذا باطل أيضا قراءة ، لمخالفة الإجماع ، لكن معناه صحيح ؛ لقوله صلى اللّه عليه وسلم : [ السفر قطعة من العذاب ، يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه ، فإذا قضى أحدكم نهمته ، فليعجل الرجوع إلى أهله ] . وأشد الناس عذابا وأسوأهم مباء ومآبا ، من أخذ معنى صحيحا ، فركب عليه من قبل نفسه قراءة أو حديثا ، فيكون كاذبا على اللّه ، كاذبا على رسوله ، " ومن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا " . قال المهدوي : وروي عن أبي جعفر المنصور : أنه قرأ " ألم نشرح لك صدرك " بفتح الحاء ، وهو بعيد ، وقد يؤول على تقدير النون الخفيفة ، ثم أبدلت النون ألفا في الوقف ، ثم حمل الوصل على الوقف ، ثم حذف الألف . وأنشد عليه :

اضربَ عنك الهمومَ طارِقَها *** ضربك بالسوط قَوْنَسَ الفَرَسِ{[16176]}

أراد : اضربن . وروي عن أبي السمال " فإذا فرغت " بكسر الراء ، وهي لغة فيه .


[16175]:أي همز الوصل لا القطع، لأن ماضيه ثلاثي: (نصب ينصب).
[16176]:قونس الفرس: ما بين أذنيه. وقيل مقدم رأسه. والبيت لطرفة، ويقال إنه مصنوع عليه.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَإِذَا فَرَغۡتَ فَٱنصَبۡ} (7)

ولما علم من هذا أن المواد تكون بحسب الأوراد الشداد لما على الممدود من الشكر ، ولما علم للشاكر من الوعد بالمزيد ، قال مسبباً عما أعطاه من اليسر بعد ذلك العسر ندباً له إلى الشكر وإعلاماً بأنه لا ينفك عن تحمل أمر في الله : { فإذا فرغت } أي بما آتاك من اليسر يسر من جهادك الذي أنت فيه في وقت المخاطبة بهذا الكلام مما يوجب عسراً في المآل أو الحال ، وعقبه العسر في أي موضع كان لا سيما عند دخول الناس في الدين أفواجاً ، أو من العبادة الثقيلة العظيمة بسماع الوحي وتحمله ، أو من الغرض بالتيسير الذي بشرناك به { فانصب * } أي بالغ في التعب بعبادة أخرى من التسبيح والاستغفار ، أو النفل لمن أولاك هذا المعروف