الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَإِذَا فَرَغۡتَ فَٱنصَبۡ} (7)

فإن قلت : فكيف تعلق قوله : { فَإِذَا فَرَغْتَ فانصب ( 7 ) } بما قبله ؟ قلت : لما عدد عليه نعمه السالفة ووعده الآنفة ، بعثه على الشكر والاجتهاد في العبادة والنصب فيها ، وأن يواصل بين بعضها وبعض ، ويتابع ويحرص على أن لا يخلي وقتاً من أوقاته منها ، فإذا فرغ من عبادة ذنبها بأخرى . وعن ابن عباس : فإذا فرغت من صلاتك فاجتهد في الدعاء . وعن الحسن : فإذا فرغت من الغزو فاجتهد في العبادة . وعن مجاهد : فإذا فرغت من دنياك فانصب في صلاتك . وعن الشعبي : أنه رأى رجلاً يشيل حجراً فقال : ليس بهذا أمر الفارغ ، وقعود الرجل فارغاً من غير شغل أو اشتغاله بما لا يعينه في دينه أو دنياه : من سفه الرأي وسخافة العقل واستيلاء الغفلة ، ولقد قال عمر رضي الله عنه : إني لأكره أن أرى أحدكم فارغاً سهللاً لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة . وقرأ أبو السّمّال : فرغت - بكسر الراء - وليست بفصيحة . ومن البدع : ما روى عن بعض الرافضة أنه قرأ : «فانصب » بكسر الصاد ، أي : فانصب علياً للإمامة ؛ ولو صحّ هذا للرافضي لصحّ للناصبي أن يقرأ هكذا ، ويجعله أمراً بالنصب الذي هو بغض عليّ وعداوته .