فأما الفرق المختلفة في الاعتقاد فأمرها إلى الله يوم القيامة ، وهو العليم بكل ما في عقائدها من حق أو باطل ، ومن هدى أو ضلال :
( إن الذين آمنوا ، والذين هادوا ، والصابئين ، والنصارى ، والمجوس ، والذين أشركوا . . إن الله يفصل بينهم يوم القيامة ، إن الله على كل شيء شهيد ) . .
وقد سبق تعريف هذه الفرق . وهي تذكر هنا بمناسبة أن الله يهدي من يريد ، وهو أعلم بالمهتدين والضالين ، وعليه حساب الجميع ، والأمر إليه في النهاية ، وهو على كل شيء شهيد .
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الّذِينَ آمَنُواْ وَالّذِينَ هَادُواْ وَالصّابِئِينَ وَالنّصَارَىَ وَالْمَجُوسَ وَالّذِينَ أَشْرَكُوَاْ إِنّ اللّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } .
يقول تعالى ذكره : إن الفصل بين هؤلاء المنافقين الذين يعبدون الله على حرف ، والذين أشركوا بالله فعبدوا الأوثان والأصنام ، والذين هادوا ، وهم اليهود والصابئين والنصارى والمجوس الذي عظموا النيران وخدموها ، وبين الذين آمنوا بالله ورسله إلى الله ، وسيفصل بينهم يوم القيامة بعدل من القضاء وفصله بينهم إدخاله النار الأحزاب كلهم والجنة المؤمنين به وبرسله فذلك هو الفصل من الله بينهم .
وكان قَتادة يقول في ذلك ، ما :
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، في قوله : إنّ الّذِينَ آمَنُوا وَالّذِينَ هادُوا وَالصّابئِينَ والنّصَارَى والمَجُوسَ وَالّذِينَ أشْرَكُوا قال : الصابئون : قوم يعبدون الملائكة ، ويصلّون للقبلة ، ويقرءون الزبور . والمجوس : يعبدون الشمس والقمر والنيران . والذين أشركوا : يعبدون الأوثان . والأديان ستة : خمسة للشيطان ، وواحد للرحمن .
وأدخلت «إنّ » في خبر «إنّ » الأولى لما ذكرت من المعنى ، وأن الكلام بمعنى الجزاء ، كأنه قيل : من كان على دين من هذه الأديان ففصل ما بينه وبين من خالفه على الله . والعرب تدخل أحيانا في خبر «إنّ » «إنّ » إذا كان خبر الاسم الأوّل في اسم مضاف إلى ذكره ، فتقول : إنّ عبد الله إنّ الخير عنده لكثير ، كما قال الشاعر .
إنّ الخَلِيفَةَ إنّ اللّهَ سَرْبَلَهُ *** سِرْبالَ مُلْكٍ بِهِ تُرْجَى الخَوَاتِيمُ
وكان الفرّاء يقول : من قال هذا لم يقل : إنك إنك قائم ، ولا إن إياك إنه قائم لأن الاسمين قد اختلفا ، فحسن رفض الأوّل ، وجعل الثاني كأنه هو المبتدأ ، فحسن للاختلاف وقبح للاتفاق .
وقوله : إنّ اللّهَ عَلى كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ يقول : إن الله على كل شيء من أعمال هؤلاء الأصناف الذين ذكرهم الله جلّ ثناؤه ، وغير ذلك من الأشياء كلها شهيد لا يخفى عنه شيء من ذلك .
ثم أخبر الله تعالى عن فعله بالفرق المذكورين وهم المؤمنون بمحمد عليه السلام وغيره ، واليهود والصابئون وهم قوم يعبدون الملائكة ويستقبلون القبلة ويوحدون الله ويقرؤون الزبور قاله قتادة { والنصارى والمجوس } وهم عبدة النار والشمس والقمر ، والمشركون وهم عبدة الأوثان ، قال قتادة الأديان ستة ، خمسة للشيطان وواحد للرحمن وخبر { إن } قوله تعالى الله { يفضل بينهم } ، ثم دخلت { إن } على الخبر مؤكدة وحسن ذلك لطول الكلام فهي وما بعدها خبر { إن } الأولى ، وقرن الزجاج هذه الآية . بقول الشاعر : [ البسيط ]
إن الخليفة إن الله سربله . . . سربال ملك به ترجى الخواتيم{[8326]}
نقله من الطبري ع وليس هذا البيت كالآية لأن الخبر في البيت في قوله ترجى الخواتيم وإن الثانية وجملتها معترضة بين الكلامين ، ثم تم الكلام كله في قوله تعالى : { القيامة } واستأنف الخبر عن { إن الله على كل شيء شهيد } عالم به وهذا خبر مستأنف للفصل بين الفرق وفصل الله تعالى بين هذه الفرق هو إدخال المؤمنين الجنة والكافرين النار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.