في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجۡعَلُ لَكُمَا سُلۡطَٰنٗا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيۡكُمَا بِـَٔايَٰتِنَآۚ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلۡغَٰلِبُونَ} (35)

29

وهنا يتلقى موسى الإستجابة والتطمين :

( قال : سنشد عضدك بأخيك ، ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما . بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ) . .

لقد استجاب ربه رجاءه ؛ وشد عضده بأخيه . وزاده على ما رجاه البشارة والتطمين : ( ونجعل لكما سلطانا ) . . فهما لن يذهبا مجردين إلى فرعون الجبار . إنما يذهبان إليه مزودين بسلطان لا يقف له في الأرض سلطان ؛ ولا تنالهما معه كف طاغية ولا جبار : ( فلا يصلون إليكما ) . . وحولكما من سلطان الله سياج ، ولكما منه حصن وملاذ .

ولا تقف البشارة عند هذا الحد . ولكنها الغلبة للحق . الغلبة لآيات الله التي يجبهان بها الطغاة . فإذا هي وحدها السلاح والقوة ، وأداة النصر والغلبة : ( بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون ) .

فالقدرة تتجلى سافرة على مسرح الحوادث ؛ وتؤدي دورها مكشوفا بلا ستار من قوى الأرض ، لتكون الغلبة بغير الأسباب التي تعارف عليها الناس ، في دنيا الناس ، وليقوم في النفوس ميزان جديد للقوى والقيم . إيمان وثقة بالله ، وما بعد ذلك فعلى الله .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجۡعَلُ لَكُمَا سُلۡطَٰنٗا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيۡكُمَا بِـَٔايَٰتِنَآۚ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلۡغَٰلِبُونَ} (35)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ سَنَشُدّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ اتّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ } .

يقول تعالى ذكره : قال الله لموسى سَنَشُدّ عَضُدَكَ أي نقوّيك ونُعينك بأخيك . تقول العرب إذا أعزّ رجل رجلاً ، وأعانه ومنعه ممن أراده بظلم : قد شَدّ فلان على عَضُد فلان ، وهو مِن عاضده على أمره : إذا أعانه ، ومنه قول ابن مقبل :

عاضَدْتُها بِعَتُودٍ غيرِ مُعْتَلَثٍ *** كأنّهُ وَقْفُ عاجٍ باتَ مَكْنُونا

يعني بذلك : قوسا عاضدها بسهم . وفي العضُد لغات أربع : أجودها : العَضُد ، ثم العَضْدُ ، ثم العُضُد ، والعُضْد . يجمع جميع ذلك على أعضاد .

وقوله : ونَجْعَلُ لَكما سُلْطانا يقول : ونجعل لكما حجة . كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله لَكُما سُلْطانا حجة .

حدثنا القاسم قال : قال : حدثنا الحسين قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ونَجْعَلُ لَكُما سُلْطانا والسلطان : الحجة .

وقوله : فَلا يَصِلُونَ إلَيْكُما يقول تعالى ذكره : فلا يصل إليكما فرعون وقومه بسوء . وقوله : بِآياتِنا يقول تعالى ذكره : فَلاَ يَصِلُونَ إلَيْكُمَا فرعون وقومه بِآياتِنا أنْتُما وَمَنِ اتّبَعَكُما الغالِبُونَ فالباء فِي قوله بآياتنا من صلة غالبون . ومعنى الكلام : أنتما ومن اتبعكما الغالبون فرعون وملأه بآياتنا أي بحجتنا وسلطاننا الذي نجعله لكما .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجۡعَلُ لَكُمَا سُلۡطَٰنٗا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيۡكُمَا بِـَٔايَٰتِنَآۚ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلۡغَٰلِبُونَ} (35)

و «شد العضد » استعارة في المعونة والإنهاض ، وقرأ الحسن بضم العين «عضُد » ، وقرأ عيسى بن عمر بفتح العين والضاد ، و «السلطان » ، الحجة ، وقوله { بآياتنا } يحتمل أن تتعلق الباء بقوله { ونجعل لكما } أو ب { يصلون } وتكون باء السبب ، ويحتمل أن تتعلق بقوله { الغالبون } أي تغلبون بآياتنا{[9147]} ، والآيات هي معجزاته عليه السلام .


[9147]:قال ذلك الأخفش والطبري، وقال المهدوي: "وفي هذا تقديم الصلة على الموصول" إلا أن يقدر: أنتما غالبان بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون.