اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجۡعَلُ لَكُمَا سُلۡطَٰنٗا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيۡكُمَا بِـَٔايَٰتِنَآۚ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلۡغَٰلِبُونَ} (35)

قوله «عَضُدَكَ » العامة على فتح العين وضم الضاد ، والحسن وزيد بن علي ( بضمهما ){[40324]} {[40325]} وعن الحسن بضمة وسكون{[40326]} ، وعيسى بفتحهما{[40327]} ، وبعضهم بفتح العين وكسر الضاد{[40328]} ، وفيه لغة سادسة فتح{[40329]} العين وسكون الضاد{[40330]} ، وهذا كناية عن التقوية له{[40331]} بأخيه وكان هارون يومئذ بمصر .

قوله : { وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً } أي : حُجَّةً وبرهاناً { فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا } . فإن قيل : بيَّن تعالى أن السلطان هو بالآيات فكيف لا يصلون إليهما لأجل الآيات ، أو ليس فرعون قد وصل إلى صلب السحرة ؟ فإن كانت هذه الآيات ظاهرة فالجواب : أن الآية التي هي قلب العصا حيَّة كما أنها معجزة فهي أيضاً تمنع من وصول ضرر فرعون إلى موسى وهارون ، لأنهم علموا أنه{[40332]} متى ألقاها صارت حية عظيمة ، وإن أراد إرسالها عليهم أهلكتهم زجرهُم ذلك عن الإقدام عليها ، فصارت مانعة من الوصول إليهما بالقتل وغيره وصارت آية ومعجزة وجمعت بين الأمرين ، وأما صلب السَّحرة{[40333]} ففيه خلاف ، فقيل : إنهم ما صُلِبوا ، وليس في القرآن ما يدل على ذلك ، وإن سلم فوصول الضرر لغيرهما لا يقدح في عدم الوصول إليهما{[40334]} .

قوله : «بآياتِنَا » يجوز فيه أوجه أن يتعلق ب «نَجْعَلُ » أو ب «يَصِلُونَ » أو بمحذوف ، أي : اذهبا ، أو على البيان فيتعلق بمحذوف أيضاً ، أو ب «الغَالِبُونَ » على أن ( أل ){[40335]} ليست موصولة أو موصُولة ، واتِّسع فيه ما لا يتسع في غيره ، أو قسمٌ وجوابه متقدم ، وهو «فَلاَ يَصِلُونَ » ، أو من لغو القسم ، قالهما الزمخشري{[40336]} ، ورد عليه أبو حيان بأن جواب القسم لا تدخله الفاء عند الجمهور{[40337]} . ويريد : بلغو القسم أن جوابه محذوف أي : وحقِّ آياتِنَا{[40338]} لَتَغْلِبُنَّ{[40339]} ، ثم قال : { أَنتُمَا وَمَنِ اتبعكما الغالبون } أي : لكما ولأتباعكما الغلبة .


[40324]:المحتسب 2/152، البحر المحيط 7/118.
[40325]:ما بين القوسين في ب: بضمها. وهو تحريف.
[40326]:انظر البحر المحيط 7/118.
[40327]:المرجع السابق.
[40328]:المرجع السابق.
[40329]:في ب: بفتح.
[40330]:قال أبو حيان: (ولا أعلم أحداً قرأ به) البحر المحيط 7/118، وقال ابن جني معقباً على قراءة الحسن بضمتين: (فيها خمس لغات: عَضُد، وعُضْد، وعُضُد، وعُضْد وعَضِد، وأفصحها وأعلاها عضد بوزن رجل) المحتسب 2/152، وفي اللسان (عَضَدَ): العَضُد والعَضْد والعُضْد والعَضِد من الإنسان وغيره: الساعد وهو ما بين المرفق إلى الكتف، والكلام الأكثر العضد، وحكى ثعلب: العضد بفتح العين والضاد.
[40331]:له: سقط من ب.
[40332]:أنه: سقط من ب.
[40333]:في ب: الشجرة. وهو تحريف.
[40334]:انظر الفخر الرازي 24/250.
[40335]:أل: سقط من ب.
[40336]:قال الزمخشري: ("بآياتنا" متعلق بنحو ما تعلق له "في تسع آيات" أي: اذهبا بآياتنا، أو بـ "نجعل لكما سلطاناً" أي: أو بـ "لا يصلون" أي: تمتنعون منهم بآياتنا، أو هو بيان للغالبون لا صلة لامتناع تقديم الصلة على الموصول، ولو تأخر لم يكن إلا صلة له، ويجوز أن يكون قسماً جوابه "لا يصلون" مقدَّماً عليه، أو من لغو القسم) الكشاف 3/167.
[40337]:البحر المحيط 7/118.
[40338]:في ب: وحقِّ أنا كأننا. وهو تحريف.
[40339]:انظر البحر المحيط 7/119.