فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجۡعَلُ لَكُمَا سُلۡطَٰنٗا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيۡكُمَا بِـَٔايَٰتِنَآۚ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلۡغَٰلِبُونَ} (35)

{ قال سنشد عضدك بأخيك } هرون ، وكان إذا ذاك بمصر ، أي نقويك به فإن قوة الشخص بشدة اليد على مزاولة الأمور ، ولذلك يعبر عنه باليد ، وعن شدتها بشدة العضد ، فهو مجاز مرسل على طريق إطلاق السبب وإرادة المسبب بمرتبتين ، فإن شدة العضد سبب مستلزم شدة اليد وشدة اليد مستلزمة لقوة الشخص في المرتبة الثانية .

قال الشهاب : الشد التقوية فهو إما كناية تلويحية عن تقويته ، لأن اليد تشد بشد العضد ، والجملة تشتد بشد اليد ، ولا مانع من الحقيقة كما توهم ، أو استعارة تمثيلية ، شبه حال موسى في تقوية بأخيه بحال اليد في تقويها بالعضد ، ويقال في دعاء الخير شد الله عضدك وفي ضده فت الله عضدك ، قرأ الجمهور عضدك بفتح العين وضم الضاد وقرئ بضمهما وسكون الضاد ، وبفتحهما .

{ ونجعل لكما سلطانا } أي حجة وبرهانا أو تسلطا وغلبة ، وهيبة في قلوب الأعداء { فلا يصلون إليكما } بالأذى والسوء ، ولا يقدرون على غلبتكما بالحجة { بآياتنا } أي تمنعان منهم بآياتنا أو اذهبا بآياتنا وقيل : الباء للقسم وجوابه ، فلا يصلون ، وما أضعف هذا القول . وقال الأخفش وابن جرير في الكلام تقديم وتأخير ، أي أنتما ومن اتبعكما الغالبون بآياتنا ، وأولى هذه الوجوه أولها ، وفي قوله { أنتما ومن اتبعكما الغالبون } تبشير لهما ؛ وتقوية لقلوبهما .